اعتبار شخصية الإنسان منحصرة بالروح والخصائص الروحية، مع أن شخصية الإنسان لا تنحصر بالروح فقط، ولا الآيات الخاصة بالمعاد الجسماني غامضة بحيث يمكن تأويلها، بل هي صريحة صراحة قاطعة كما قلنا.
وهناك غيرهم قالوا بنوع من المعاد الجسماني الذي لا يختلف كثيرا عن المعاد الروحاني، إلا أننا نجد أمامنا طريقا أكثر وضوحا بالاعتماد على النصوص القرآنية ويتفق مع ما توصل إليه العلم الحديث، ويحتاج توضيحه إلى عدة مقدمات.
1 - إننا نعلم أن أجزاء جسد الإنسان تتبدل مرات عديدة من الطفولة إلى الموت، حتى خلايا الدماغ التي لا تتغير من حيث العدد، تتغير من حيث الأجزاء، فهي من جهة تتغذى ومن جهة أخرى تتجزأ، وهذا نفسه يؤدي إلى تبديلها الكامل على مدى الزمن، بحيث إنه بعد مرور عشر سنوات لا تبقى أية ذرة من ذرات الجسم القديمة.
ولكن الذرات السابقة عندما تكون على أعتاب الهلاك تنقل جميع خواصها وآثارها إلى الخلايا الجديدة، لذلك فإن مميزات الإنسان الجسمية كالطول والشكل والهيئة وغيرها من الكيفيات الجسمانية تبقى ثابتة على مرور الزمان، وهذا لا يكون إلا بانتقال هذه الصفات إلى الخلايا الجديدة، (لاحظ هذا بدقة).
وعليه فإن الأجزاء الأخيرة من كل إنسان، عندما تتبدل بعد الموت إلى تراب، تكون حاوية على مجموعة من الصفات التي اكتسبتها على امتداد العمر، فهي تاريخ ينطق بمسيرة جسم الإنسان على امتداد العمر كله.
2 - صحيح أن الروح هي الأساس الذي تبنى عليه شخصية الإنسان، ولكن ينبغي أن نعرف أن الروح تتكامل وتتربى بالجسم، وهما يتبادلان التأثير. لذلك فكما أن جسدين لا يتشابهان من جميع الجهات، كذلك لا تتشابه روحان من