ربقة العبودية لتستنشق عبير الحرية وتختار بنفسها الطريق الذي ترتئيه.
والشاهد الحي على هذا هو ما تكرر حدوثه في التاريخ الإسلامي، فقد كان المسلمون إذا افتتحوا بلدا تركوا أتباع الأديان الأخرى أحرارا كالمسلمين.
أما الضريبة الصغيرة التي كانوا يتقاضونها منهم باسم الجزية، فقد كانت ثمنا للحفاظ على أمنهم، ولتغطية ما تتطلبه هذه المحافظة من نفقات، وبذلك كانت أرواحهم وأموالهم وأعراضهم مصونة في حمى الإسلام. كما أنه كانوا أحرارا في أداء طقوسهم الدينية الخاصة بهم.
جميع الذين يطالعون التاريخ الإسلامي يعرفون هذه الحقيقة، بل إن المسيحيين الذين كتبوا في الإسلام يعترفون بهذا أيضا. يقول مؤلف " حضارة الإسلام أو العرب ": " كان تعامل المسلمين مع الجماعات الأخرى من التساهل بحيث إن رؤساء تلك الجماعات كان مسموحا لهم بإنشاء مجالسهم الدينية الخاصة ".
وقد جاء في بعض كتب التاريخ أن جمعا من المسيحيين الذين كانوا قد زاروا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للتحقيق والاستفسار أقاموا قداسا في مسجد النبي في المدينة بكل حرية.
إن الإسلام - من حيث المبدأ - توسل بالقوة العسكرية لثلاثة أمور:
1 - لمحو آثار الشرك وعبادة الأصنام، لأن الإسلام لا يعتبر عبادة الأصنام دينا من الأديان، بل يراها انحرافا ومرضا وخرافة، ويعتقد أنه لا يجوز مطلقا أن يسمح لجمع من الناس أن يسيروا في طريق الضلال والخرافة، بل يجب إيقافهم عند حدهم. لذلك دعا الإسلام عبدة الأصنام إلى التوحيد، وإذا قاوموه توسل بالقوة وحطم الأصنام وهدم معابدها، وحال دون بروز أي مظهر من مظاهر عبادة الأصنام، لكي يقضي تماما على منشأ هذا المرض الروحي والفكري.