وتارة وردت بمعنى المكر والخديعة في قوله تعالى يا بني آدم لا يفتتننكم الشيطان (1).
وتارة بمعنى البلاء والعذاب مثل قوله يوم هم على النار يفتنون ذوقوا فتنتكم (2).
وتارة وردت بمعنى الضلال مثل قوله ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا (3).
وتارة بمعنى الشرك وعبادة الأوثان أو سد طريق الإيمان أمام الناس كما في الآية مورد البحث وبعض الآيات الواردة بعدها فيقول تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله.
ولكن الظاهر أن جميع هذه المعاني المذكورة للفتنة تعود إلى أصل واحد (كما في أغلب الألفاظ المشتركة)، لأنه مع الأخذ بنظر الاعتبار أن معنى الأصل هو وضع الذهب في النار لتخليصه من الشوائب فلهذا استعملت في كل مورد يكون فيه نوع من الشدة، مثل الامتحان الذي يقترن عادة بالشدة ويتزامن مع المشكلات، والعذاب أيضا نوع آخر من الشدة، وكذلك المكر والخديعة التي تتخذ عادة بسبب أنواع الضغوط والشدائد، وكذلك الشرك وإيجاد المانع في طريق ايمان الناس حيث يتضمن كل ذلك نوع من الشدة والضغط.
والخلاصة أن عبادة الأوثان وما يتولد منها من أنواع الفساد الفردي والاجتماعي كانت سائدة في أرض مكة المكرمة حيث لوثت بذلك الحرم الإلهي الآمن، فكان فسادها أشد من القتل فلذلك تقول هذه الآية مورد البحث مخاطب