وربما كان حق المنع هذا يعطي في الجاهلية للأقربين.
لاشك أن الأخ وابن العم لا ولاية لهما - في فقهنا - على الأخت وابنة العم. إلا أن هذه الآية تتحدث عن حكم عام - كما سنرى - يشمل الأولياء وغير الأولياء، وتقول أنه حتى الأب والأم وابن العم، وكذلك الغرباء لا حق لهم في الوقوف بوجه هذا الزواج.
2 التفسير ذكرنا في البحوث السابقة كيف كانت النسوة يعشن في أسر العادات الجاهلية، وكيف كن تحت سيطرة الرجال دون أن يعني أحد برغبتهن ورأيهن.
واختيار الزوج كان واحدا من قيود ذلك الأسر، إذ أن رغبة المرأة وإرادتها لم يكن لها أي تأثير في الأمر، فحتى من كانت تتزوج زواجا رسميا ثم تطلق لم يكن لها حق الرجوع ثانية بمحض إرادتها، بل كان ذلك منوطا برغبة وليها أو أوليائها، وكانت ثمة حالات يرغب فيها الزوجان بالعودة إلى الحياة الزوجية بينهما، ولكن أولياء المرأة كانوا يحولون دون ذلك تبعا لمصالحهم أو لتخيلاتهم وأوهامهم.
إلا أن القرآن أدان هذه العادة، ورفض أن يكون للأولياء مثل هذا الحق، إذ أن الزوجين - وهما ركنا الزواج الأصليان، إذا توصلا إلى إتفاق بالعودة بعد الانفصال - يستطيعان ذلك دون أن يكون لأحد حق الاعتراض عليهما. تقول الآية وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف هذا إذا كان المخاطب في هذه الآية هم الأولياء من الرجال الأقارب، ولكن يحتمل أن يكون المخاطب هو الزوج الأول. بمعنى أنكم إذا طلقتم زوجاتكم فلا تمنعوهن من الزواج المجدد مع رجال آخرين، حيث إن بعض الأشخاص المعاندين في السابق وفي الحال الحاضر يشعرون بحساسية