وأن لا يخالطه شئ من روح الانتقام. ثم تشير الآية إلى المفهوم المقابل لذلك وتقول:
ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه.
هذه الجملة في الحقيقة تفسير لكلمة " معروف " أي أن الرجوع يجب أن يكون على أساس من الصفاء والوئام، وذلك لأن الجاهليين كانوا يتخذون من الطلاق والرجوع وسيلة للانتقام، ولهذا يقول القرآن بلهجة قاطعة: إن استرجاع الزوجة يجب أن لا يكون رغبة في الإيذاء والاعتداء، إذ أن ذلك - فضلا عن كونه ظلما للزوجة - ظلم لنفس الزوج أيضا.
والآن علينا أن نعرف لماذا يكون ظلم الزوج زوجته ظلما لنفسه أيضا؟
أولا: إن الرجوع المبني على غمط الحقوق لا يمكن أن يمنح الهدوء والاستقرار.
ثانيا: الرجل والمرأة - بالنظرة القرآنية - جزءان من جسد واحد في نظام الخلقة، فكل غمط لحقوق المرأة هو ظلم وعدوان على الرجل نفسه.
ثالثا: إن من يستسيغ ظلم الآخرين يكون غرضا لنيل العقاب الإلهي، فيكون بذلك قد ظلم نفسه.
ثم يحذر القرآن الجميع: ولا تتخذوا آيات الله هزوا هذا التعبير يمكن أن يكون إشارة إلى بعض التقاليد الجاهلية المترسخة في أفكار الناس، ففي الرواية أن بعض الرجال في العصر الجاهلي يقولون حين الطلاق: أن هدفنا من الطلاق هو اللعب والمزاح، وكذلك الحال عندما يعتقون عبدا أو يتزوجون من امرأة.
فنزلت الآية أعلاه لتحذرهم بأن كل من يطلق زوجته أو يعتق عبده أو يتزوج من امرأة أو يزوجها من شخص آخر، ثم يدعي أنه كان يمزح ويلعب فإنه لا يقبل