انتهاء دم الحيض جائزة حتى لو لم تغتسل، وأما الجملة الثانية فتعني أنها ما لم تغتسل فلا يجوز مقاربتها (1).
وعلى هذا فالآية لا تخلو من إبهام، ولكن مع الالتفات إلى أن الجملة الثانية تفسير للجملة الأولى ونتيجة لها (ولهذا أعطفت بفاء التفريع) فالظاهر أن (تطهرن) أيضا بمعنى الطهارة من دم الحيض، وبذلك تجوز المقاربة الجنسية بمجرد الطهارة من العادة الشهرية، وهذا هو ما ذهب إليه الفقهاء العظام في الفقه وأفتوا بحلية المقاربة الجنسية بعد الطهارة من الحيض حتى قبل الغسل، ولكن لا شك في أن الأفضل أن تكون بعد الغسل.
الفقرة الثانية من الآية تقول فأتوهن من حيث أمركم الله أي أن يكون الجماع من حيث أمر الله، وقد تكون هذه الفقرة تأكيدا لما قبلها، أي آتوا نساءكم في حالة النقاء والطهر فقط لا في غير هذه الحالة، وقد يكون مفهومها أوسع بخصوص أن الجماع بعد الطهر يجب أن يكون في إطار أوامر الله أيضا.
هذا الأمر الإلهي من الممكن أن يشمل الأمر التكويني والأمر التشريعي معا، فالله سبحانه أودع في الرجل والمرأة الغريزة الجنسية لبقاء نوع الإنسان، وهذه الغريزة تدفع الإنسان للحصول على اللذة الجنسية، لكن هذه اللذة مقدمة لبقاء النوع فقط، ومن هنا لا يجوز الحصول عليها بطرق منحرفة مثل الاستمناء واللواط وأمثالهما، لأن هذا الطريق نوع من الانحراف عن الأمر التكويني.
وكذلك يمكن أن يكون المراد هو الأمر التشريعي، يعني أن الزوجة بعد طهارتها من العادة الشهرية ينبغي عليها مراعاة جهات الحلال والحرام في الحكم الشرعي.