برسول الله " ص " قبل مبعثه فلما بعثه الله في العرب، فقال لهم معاذ بن جبل وبشير ابن معرور: يا معشر اليهود اتقوا الله واسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وآله ونحن أهل الشرك، وتخبرونا بأنه مبعوث. فقال لهم سلام بن مثكم: ما جاء بشئ، وما هو بالذي كنا نذكر لكم. فأنزل الله ذلك. وقال قوم:
معنى " يستفتحون " يستحكمون ربهم على كفار العرب. كما قال الشاعر:
ألا أبلغ بني عصم رسولا * فاني عن فتاحتكم غني (1) اي محاكمتكم. قال قوم: معناه يستعلمون من علمائهم صفة نبي يبعث من العرب، وكانوا يصفونه. فلما بعث أنكروه.
واما جواب قوله: " ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم " فقال قوم: ترك جوابه استغناء بمعرفة المخاطبين. معناه كما قال: " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى " (2) فترك الجواب، وكان تقديره ولو أن قرآنا سوى هذا القرآن سيرت به الجبال، أو قطعت به الأرض، أو كلم به الموتى لسيرت بهذا. ترك ذلك لدلالة الكلام عليه وكذلك الآية الجواب فيها محذوف لدلالة قوله: " فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به " وقال آخرون: قوله: " كفروا " جواب لقوله: " ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم ". ولقوله: " ولما جاءهم ما عرفوا ". ونظيره قوله: " فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " (3) فصار قوله: فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون جوابا لقوله: " فاما يأتينكم "، ولقوله: " فمن تبع هداي "، ومثله في الكلام قولك ما هو إلا أن جاءني فلان، فلما ان قعد وسعت له، فصار قولك: وسعت له جوابا لقولك: ما هو إلا أن جاءني، ولقولك: فلما ان قعد. وجاء الأول للكتاب وجاء الثاني - قيل: إنه - للرسول، فلذلك كرر. وقوله: فلعنة الله على الكافرين "