بئس، ولا يجوزان يكون رفعا على قولك بئس الرجل عبد الله.
وقال بعضهم: أولى هذه الأقوال أن تجعل بئسما مرفوعا بالراجع من الهاء في قوله: اشتروا به. كما رفعوا ذلك بعبد الله، في قولهم: بئسما عبد الله، وجعل أن يكفروا مترجما عن بئس. فيكون التقدير بئس الشئ باع اليهود به أنفسهم بكفرهم، بما انزل الله بغيا وحسدا ان ينزل الله من فضله. وتكون ان التي في قوله: " ان ينزل الله " في موضع نصب، لأنه يعني به ان يكفروا بما انزل الله من اجل ان ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده. وموضع (ان) جر. والكسائي جعل ان في موضع خفض بنية الباء وإنما كان النصب أقوم، لتمام الخبر قبلها ولا خافض معها. وحرف الخفض إذا كان مضمرا لا تخفض به.
المعنى:
ومعنى قوله: " اشتروا به أنفسهم " اي باعوا به أنفسهم على وزن افتعلوا - من الشراء وسمي البائع الشاري بهذا، لأنه باع نفسه ودنياه عنده. وأكثر الكلام شريت بمعنى بعت. واشتريت بمعنى ابتعت. قال الشاعر يزيد بن مفرغ الحميري:
وشريت بردا ليتني * من قبل برد كنت هامة (3) ومعنى قوله: " وشروه بثمن بخس " باعوه وربما استعملت اشتريت بمعنى بعت. وشريت بمعنى ابتعت. والأكثر ما قلناه.
وقوله: " بغيا " اي حسدا وتعديا. فان قيل: كيف باعت اليهود أنفسها بالكفر وهل يشترى بالكفر شئ؟ قيل معنى الشراء والبيع - عند العرب - هو إزالة ملك المالك إلى غيره بعوض يعتاضه منه، ثم يستعمل ذلك في كل معتاض من عمله عوضا - خيرا كان أو شرا - يقال نعم ما باع فلان نفسه به، وبئس ما باع به نفسه. بمعنى نعم الكسب كسبها، وبئس الكسب كسبها. وكذلك قوله: " بئس ما اشتروا به أنفسهم "، لما أبقوا أنفسهم بكفرهم بمحمد " ص " وأهلكوها.