شئت جعلت (أن) في موضع رفع، وان شئت في موضع خفض: فالرفع بئس الشئ هذا ان يكفروا، والخفض بئس الشئ اشتروا به أنفسهم ان يكفروا بما انزل الله بغيا. وفي قوله: " لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم " (1).
مثل ذلك. قال أبو عبيدة: والعرب تجعل (ما) وحدها في هذا الباب بمنزلة الاسم التام. وقوله: " فنعما هي " " وبئس ما أنت " قال الراجز:
لا تعجلا بالسير وادلواها * لبئسما بطء ولا نرعاها (2) قال: ويقولون لبئس ما تزويج، ولا مهر: فيجعلون (ما) وحدها اسما بغير صلة.
وروي عن النبي " ص " أنه قال: نعم ما المال للرجل الصالح، فجعلت (ما) اسما. وقال قوم: هذا الوجه ضعيف، لان هذا القول، يكون التقدير بئس الشئ اشتروا به أنفسهم، فقد صارت ما بصلتها اسما موقتا، لان اشتروا فعل ماضي، وإذا وصلت بفعل ماضي كانت معرفة موقتة. تقديره بئس شراؤهم كفرهم. وذلك غير جائز عنده: فبان بذلك فساد هذا القول. وبئس ونعم لا يلقاهما اسم علم كزيد وعمر، وأخيك وأبيك: فإنما يلقاها المعرف بالألف واللام. كقولك: الرجل والمرأة، وما أشبه ذلك. فان نزعتهما، نصبت. كقوله: " بئس للظالمين بدلا " (3) " وساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا " (4) فان كانت نكرة مضافة إلى نكرة جاز الرفع والنصب. كقولك نعم غلام سفر غلامك، بالرفع والنصب - حكاه الفراء.
وقال بعضهم: إن (ان) في موضع خفض ان شئت، وان شئت في موضع رفع: فالخفض ان ترده على الهاء في به على التكرير على كلامين، لأنك قلت:
اشتروا أنفسهم بالكفر: والرفع أن يكون تكرارا على موضع (ما) التي تلي