" سكرت ابصارنا " (1) وقوله: " الذين كنت أعينهم في غطاء عن ذكري " (2) ومثله " بل هم منها عمون " (3) وقوله: " صم بكم " (4). لأن العين إذا كانت في غطاء لم ينفذ شعاعها فلا يقع بها ادراك، فكأن شدة عنادهم بحملهم على رفع المعلومات.
واللعن هو الاقصاء والابعاد. يقال: لعن الله فلانا يلعنه لعنا. فهو ملعون، ثم يصرف مفعول إلى فعيل، فيقال: هو لعين. كما قال الشماخ بن ضرار:
ذعرت به القطا ونفيت عنه * مقام الذئب كالرجل اللعين (5) أي المبعد: فصار معنى الآية قالت اليهود: " قلوبنا في أكنة مما يدعونا إليه " محمد صلى الله عليه وآله. فقال الله: ليس ذلك كما زعموا ولكنه تعالى أقصاهم وأبعدهم عن رحمته وطردهم عنها، لجحودهم به وبرسله.
وقوله تعالى: " قليلا ما يؤمنون " قال قتادة: قيل منهم من يؤمن. وقال قوم: " قيلا ما يؤمنون " أي لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم. والذي نقوله ان معنى الآية ان هؤلاء الذين وصفهم الله تعالى قليلوا الايمان بما أنزله الله تعالى على نبيه محمد " ص " ولذلك نصب قوله " قليلا " لأنه نصب على نعت المصدر المتروك. وتقديره لعنهم الله بكفرهم، فأيمانا قليلا يؤمنون. ولو كان الامر على ما قال قتادة، لكان القليل مرفوعا، وكان تقديره فقليل ايمانهم. وقال قوم من أهل العربية: ان ما زائدة لا معنى لها. كقوله: " فبما رحمة من الله لنت لهم " (6) وتقديره الكلام: قليلا يؤمنون، وانشد بيت مهلهل لو بأبانين جاء يخطبها * ضرج ما انف خاطب بدم (7) يعني ضرج انف خاطب. وما زائدة. وقال قوم: ذلك خطأ في الآية وفي البيت وان ذلك من المتكلم على ابتداء الكلام بالخبر عن عموم جميع الأشياء إذا كانت