قالت: الملائكة بنات الله والجواب عما ذكره ثالثا من أن إبليس له نسل، (1) طريقه الآحاد، ولو كان صحيحا، لم يمنع أن يكون الله ركب فيه شهوة النكاح تغليظا عليه في التكليف وإن لم يكن ذلك في باقي الملائكة، فلا وجه لاستبعاده والجواب عما ذكره رابعا قوله " جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة " (2) فمعارض بقوله: " الله يصطفي من الملائكة رسلا " (3) فإن كان ظاهر تلك يقتضي العموم فظاهر هذه يقتضي التخصيص، لان (من) للتبعيض، ولو لم يكن كذلك، لجاز لنا أن نخص هذا العموم بقوله: (إلا إبليس) لان حمل الاستثناء على أنه منقطع حمل له على المجاز كما أن تخصيص العموم مجاز، وإذا تعارضا، سقطا فأما ما روي عن ابن عباس أن الملائكة كانت تقاتل الجن، فسبي إبليس، وكان صغيرا مع الملائكة، فتعبد معها فلما أمروا بالسجود لآدم، سجدوا إلا إبليس أبى، فلذلك قال الله تعالى: " إلا إبليس كان من الجن " فإنه خبر واحد لا يصح والمعروف عن ابن عباس ما قلناه أنه كان من الملائكة فأبى واستكبر وكان من الكافرين ومن قال إن إبليس خلق من نار ومن مارج والملائكة لم يخلقها من ذلك فقوله ضعيف، لأنه لا يمنع أن يكون الله تعالى خلق الملائكة أصنافا: صنفا من نار، وصنفا من نور، وصنفا من غير ذلك، وصنفا آخر لا من شئ، فاستبعاد ذلك ضعف معرفة (وإبليس) قال الزجاج والرماني وغيرهما من النحويين انه ليس بمأخوذ من الابلاس كقوله " مبلسون " أي: آيسون من الخير قالوا: لأنه أعجمي معرب بدلالة أنه لا ينصرف للعجمة والتعريف وقال الطبري: هو مشتق من الابلاس ووزنه افعيل وأنشد العجاج:
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا * قال نعم أعرفه وأبلسا وقال رؤبة: