[وعشرين سنة، وحتى توفي السيد المعظم لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة 436 ه فاستقل شيخ الطائفة بالإمامة، وظهر على منصة الزعامة، وأصبح علما للشيعة ومنارا للشريعة، وكانت داره في الكرخ مأوى الأمة، ومقصد الوفاد، يأتونها لحل المشاكل وايضاح المسائل، وقد تقاطر اليه العلماء والفضلاء للتلمذة عليه والحضور تحت منبره وقصدوه من كل بلد ومكان، وبلغت عدة تلاميذه ثلاثمائة من مجتهدي الشيعة، ومن العامة ما لا يحصى كثرة.
وقد اعترف كل فرد من هؤلاء بعظمته ونبوغه، وكبر شخصيته وتقدمه على من سواه، وبلغ الأمر من الاعتناء به والاكبار له أن جعل له خليفة الوقت القائم بأمر الله - عبد الله - ابن القادر بالله - أحمد - كرسي الكلام والإفادة، وقد كان لهذا الكرسي يومذاك عظمة وقدرا فوق الوصف، إذ لم يسمحوا به إلا لمن برز في علومه، وتفوق على أقرانه، ولم يكن في بغداد يومذاك من يفوقه قدرا أو يفضل عليه علما فكان هو المتعين لذلك الشرف.
هجرته إلى النجف الأشرف:] لم يفتأ شيخ الطائفة إمام عصره وعزيز مصره، حتى ثارت القلاقل وحدثت الفتن بين الشيعة والسنة، ولم تزل تنجم وتخبو بين الفينة والأخرى، حتى اتسع نطاقها بأمر طغرل بيك أول ملوك السلجوقية فإنه ورد بغداد في سنة 447 ه وشن على الشيعة حملة شعواء، وأمر باحراق مكتبة الشيعة التي أنشأها أبو نصر سابور