[ومن تلك القلة شيخنا وشيخ الكل في الكل علامة الآفاق شيخ الطائفة الطوسي أعلى الله درجاته وأجزل أجره، فقد شاءت إرادة الله العليا أن تبارك في علمه وقلمه فتخرج منهما للناس نتاجا من أفضل النتاج، فيه كل ما يدل على غزارة العلم وسعة الاطلاع، وقد مازه الله تعالى بصفات بارزة، وخصه بعناية فائقة، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا.
وقد كرس - قدس الله نفسه - حياته طوال عمره لخدمة الدين والمذهب، وبهذا استحق مكانته السامية من العالم الاسلامي عامة والشيعي خاصة، وبانتاجه الغزير أصبح - وأمسى - علما من أعظم أعلامه، ودعامة من أكبر دعائمه، يذكر اسمه من كل تعظيم وإجلال وإكبار وإعجاب، ولقد أجاد من قال فيه:
شيخ الهدى والطائفة * أثر القرون السالفة وصل الآله فخصه * بنهى الأمور العارفة ظهرت سريرة علمه * بالفضل عنه كاشفه لله أوقف نفسه * شكر الآله موافقه سحب الرضا هتفت على * قبر يضمك، واكفه كم قد حباه فضيلة * متبوعة مترادفه؟ (1)] نسبه:
هو الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي. نسبة إلى طوس من مدن خراسان التي هي من أقدم بلاد فارس وأشهرها، وكانت - ولا تزال - من مراكز العلم ومعاهد الثقافة، لأن فيها قبر الامام على الرضا عليه السلام، ثامن أئمة الشيعة الاثني عشرية، وهي لذلك مهوى أفئدتهم يقصدونها من الأماكن الشاسعة والبلدان النائية، ويتقاطرون إليها من كل صوب وحدب، للثم تلك العتبة المقدسة والتمرغ في ذلك الثرى الطيب.