[ومن أجل هذا وذاك أصبحت كغيرها من مراقد آل محمد عليهم السلام هدفا لأعدائهم، فقد انتابتها النكبات، وخرجت ثلاث مرات، هدمها للمرة الأولى الأمير سبكتكين، وقوضها للمرة الثانية الغزنويون، وأتلفتها للمرة الثالثة عاصفة الفتنة المغولية عام 716 ه على عهد الطاغية جنگيزخان، وقد تجددت أبنيتها وأعيدت آثارها بعد كل مرة، وهي اليوم - مع ما حل فيها من تخريب ودمار - من أجل معاهد العلم عند الشيعة بالرغم من أعدائهم وفيها خزانة كتب للامام الرضا عليه السلام بحق للعالم الشيعي أن بعدها من مفاخرة، والله غالب على أمره.] ولادته ونشأته:
ولد شيخ الطائفة في طوس في شهر رمضان سنة 385 هجرية - أعني عام وفاة هارون بن موسى التلعكبري، وبعد أربع سنين من وفاة الشيخ الصدوق - وهاجر إلى العراق فهبط بغداد في سنة 408 ه (1) وهو ابن ثلاثة وعشرين عاما، وكانت زعامة المذهب الجعفري فيها يومذاك لشيخ الأمة وعلم الشيعة محمد بن محمد بن النعمان الشهير بالشيخ المفيد عطر الله مثواه، فلازمه ملازمة الظل، وعكف على الاستفادة منه، وأدرك شيخه الحسين بن عبيد الله ابن الغضائري المتوفى سنة 411 ه، وشارك النجاشي في جملة من مشايخه، وبقى على اتصاله بشيخه حتى اختار الله للأستاذ دار لقائه في سنة 413 ه، فانتقلت زعامة الدين ورياسة المذهب إلى علامة تلاميذه علم الهدى السيد المرتضى طاب رمسه، فانحاز شيخ الطائفة اليه، ولازم الحضور تحت منبره، وعني بها المرتضى، وبالغ في توجيه وتلقينه، واهتم له أكثر من سائر تلاميذه، وعين له في كل شهر إثنى عشر دينارا (2) وبقى ملازما له طيلة ثلاث