الحصان ان يتقحم على البحر، فتمثل له جبرائيل على فرس أنثى وديق (1) فلما رآها الحصان تقحم خلفها: وقيل لموسى ترك البحر رهوا أي طرقا على حاله. ودخل فرعون وقومه البحر فلما دخل آخر قوم آل فرعون وجاز آخر قوم موسى، انطبق البحر على فرعون وقومه فأغرقوا. ويقال نادى فرعون حين رأى من سلطان الله وقدرته ما رأى، وعرف ذلة وخذلة نفسه: لا إله إلا الذي امنت به بنو إسرائيل وانا من المسلمين فان قيل: كيف لم يسو الله بين الخلق في هذه الآيات الباهرات التي أعطاها بني إسرائيل لتكون الحجة أظهر والشبهة أبعد؟ قيل الآيات يظهرها الله على حسب ما يعلم من المصلحة في ذلك، وعلى حد لا ينتهي إلى الالجاء والاضطرار وخولف بين الآيات لهم على قدر حدة أذهان غيره، وكلالة أذهانهم يدل على ذلك ان بعد مشاهدة هذه الآيات قالوا يا موسى أجعل لنا إلها كما لهم آلهة. ولما كانت الغرب من أحد الناس أذهانا وأجودهم أوهاما جاءت الآيات مشاكلة لطباعهم ومجانسة لدقة أذهانهم. وفي الجميع الحجة الباهرة، والآية القاهرة: وليس يمكن ان يقال إنه لو ظهر لهم مثل تلك الآيات، لامنوا لا محالة. على وجه لا يكونون ملجئين إليه لان ذلك لو كان معلوما، لاظهره الله تعالى. فلما لم يظهرها الله علنا انه لم يكن ذلك معلوما وموسى " ع " لم يكن مجتلبا إلى المعارف، لمشاهدته هذه الآيات، لأنه كان يقدم له الايمان بالله ومعرفته.
وقوله:
" وأغرقنا آل فرعون " وان لم يكن في ظاهره انه أغرق فرعون فهو دال عليه. وكأنه قال: وأغرقنا آل فرعون معهم، - وأنتم تنظرون - فاختصر لدلالة الكلام عليه، لان الغرض مبني على اهلاك فرعون وقومه ونظيره قول القائل: دخل جيش الأمير الباذية. فان الظاهر من ذلك ان الأمير معهم.
قوله تعالى: