يقولون: إنما انظر إلى الله ثم إليك بمعنى أتوقع فضل الله ثم فضلك. وقال الطريح ابن إسماعيل:
وإذا نظرت إليك من ملك * والبحر دونك جرتني نعماء (1) وقال جميل بن معمر:
اني إليك لما وعدت لناظر * نظر الفقير إلى الغني الموسر (2) وقال آخر:
وجوه يوم بدر ناظرات * إلى الرحمان تأتي بالفلاح واتوا ب (إلى) على معنى نظر الانتظار والصحيح ان النظر لا يفيد الرؤية وإنما حقيقته تحديق الجارحة الصحيحة نحو المرئي طلبا لرؤيته ولو أفاد الرؤية، لما جعل غاية لنفسه، الا تراهم يقولون: ما زلت انظر إليه ولا يقولون ما زلت أراه حتى رأيته، ولأنهم يثبتون النظر وينفون الرؤية يقولون: نظرت إليه فلم أره ولا يقولون رأيته فلم أره المعنى:
فإذا ثبت هذا، فالأولى ان نقول: إن تأويل الآية " وأغرقنا آل فرعون " وأنتم مقبلون عليهم متوقعون له وقال الفراء قد كانوا في شغل من أن ينظروا مستورين بما اكتنفهم من البحر من أن يروا فرعون وغرقه ولكنه كقولك: قد ضربت وأهلك ينظرون. فما أتوك، ولا أعانوك. ومعناه وهم قريب بمرأى ومسمع ومثله قوله: " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " (3) وليس ههنا رؤية، وإنما هو علم، لان الرؤية تستعمل في مثل ذلك يقول القائل رأيت فرعون أعتى الخلق وأخبثه وهذا الذي ذكره الفراء محتمل مليح، غير أنه مخالف لقول المفسرين كلهم فإنهم لا يختلفون أن أصحاب موسى رأوا انفراق البحر والتطام أمواجه بآل فرعون، حتى غرقوا فلا وجه للعدول عن الظاهر مع احتماله ولأنهم إذا عاينوا ذلك، كانوا