المعنى:
وقوله: " واتينا موسى الكتاب " معناه أعطيناه. والكتاب يريد به التوراة. وأما الفرقان فقال الفراء وقطرب وتغلب: يحتمل أن يكون اتى موسى كتاب التوراة ومحمد الفرقان: كما قال الشاعر:
متقلدا سيفا ورمحا (1) وضعف قوم هذا الوجه، لان فيه حمل القران على المجاز من غير ضرورة مع أنه تعالى اخبر انه اتى موسى الفرقان في قوله: " ولقد اتينا موسى وهارون الفرقان وضياء " (2) وقال الفراء: هو كلام مثنى يراد به: التوراة. وكرر لاختلاف اللفظين:
كقولهم: بعدا وسحقا، وهما بمعنى واحد. قال الرماني: هذا المثال لا يشبه الآية، لأنه جمع الصفتين لموصوف واحد على معنيين متفقين. والأولى ان يمثل بقولهم: هو العالم الكريم فجمعت الصفتان لموصوف واحد على معنيين مختلفين وقال عدي ابن زيد:
وقددت الأديم لراهشيه * والفي قولها كذبا ومينا (3) وقال قوم: الكتاب: التوراة والفرقان: انفراق البحر لبني إسرائيل. والفرج الذي اتاهم كما قال. " يجعل لكم فرقانا " اي مخرجا. وقال بعضهم: الفرقان: الحلال والحرام الذي ذكره في التوراة. وروي عن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد: ان الفرقان الذي ذكره هو الكتاب الذي اتاه يفرق فيه بين الحق والباطل. وقال ابن زيد: الفرقان: النصر الذي فرق الله به بين موسى وفرعون: كما فرق بين محمد " ص " وبين المشركين. كما قال: " يوم الفرقان يوم التقى الجمعان " (4). وقال أبو مسلم: هو ما أوتي موسى من الآيات والحجج التي فيها التفرقة بين الحق والباطل.