إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعو ك بداعية الاسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم القبط يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوءا بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون وختم الكتاب فخرج به حاطب حتى قدم الإسكندرية فلما دخل عليه قال له اعلم أنه قد كان قبلك رجل زعم أنه الرب الاعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى فانتقم به ثم انتقم منه فاعتبر بغيرك ولا يعتبر غيرك بك اعلم أن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه وهو الاسلام الكافي به الله ما سواه إن هذا النبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له يهود وأقربهم منه النصارى ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد صلى الله عليه وسلم وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل وكل نبي أدرك قوما فهم من أمته فالحق عليهم أن يطيعوه فأنت ممن أدركه هذا النبي ولسنا ننهاك عن دين المسيح بل نأمرك به فقال المقوقس إني قد نظرت في أمر هذا النبي فرأيتك لا يأمر بمزهود فيه ولا ينهى عن مرغوب عنه ولم أجده بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آلة النبوة بإخراج الخبأ والاخبار بالنجوى وسأنظر في ذلك وأخذ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فجعله في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى جارية له ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه وقد علمت أن نبيا بقي وكنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوة بغلة لتركبها والسلام عليك ودفع الكتاب إلى حاطب وأمر له بمائة دينار وخمسة أثواب وقال له ارجع إلى صاحبك ولا تسمع منك القبط حرفا واحدا فإن القبط لا يطاوعوني في اتباعه وأنا أضن بملكي أن أفارقه وسيظهر صاحبك في البلاد وينزل بساحتنا هذه أصحابه من بعده فارحل من عندي قال فرحلت من عنده ولم أقم عنده إلا خمسة أيام فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له ما قال لي فقال ضن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه قال الدارقطني اسمه جريج بن ميناء أثبته أبو عمر في الصحابة ثم ضرب عليه وقال يغلب على الظن أنه لم يسلم وكانت
(٥٦٤)