للجميع، فلم يبق ما يختص به المؤمنون إلا الإيمان، وإذا كان منعما " بالايمان وجب أن يكون من فعله تعالى، لأن المنعم لا يكون منعما " إلا بما يفعله.
الجواب:
قلنا: غير مسلم لكم أن المراد بالانعام هاهنا الإيمان والدين، لأنه تعالى قد ينعم على المؤمنين بأشياء يخصهم دون الكافر بالخواطر والبواعث السهلة الشارحة للصدور، ولهذا قال تعالى: ﴿والذين اهتدوا زادهم هدى﴾ (1) فبين أنه قد خصهم لمكان هداهم وإيمانهم بما لم يعم به الكافرين.
ثم يجوز أن يريد بالنعمة هاهنا الثواب، لأن الثواب من فعله، وإذا كان إنما استحق بتعريضه وتكليفه كان نعمة منه تعالى س " إلى تفضله ورحمته.
ثم لو سلمنا أن المراد بالآية (الذين أنعمت عليهم) بالايمان حسب ما اقترحوا لم تكن فيه دلالة على أن الإيمان من فعله عز اسمه، لأنه إذا كان بتفويضه وتكليفه وتوفيقه وألطافه ومعونته، فهو نعمة منه.
ألا ترى أن أحدنا إذا دفع إلى غيره مالا عظيما تفضلا عليه، فصرفه ذلك الغير في ضروب المنافع وابتياع العبيد والضياع، لم يمتنع أحد من أن ينسب تلك الضياع أنها (2) نعمة من دافع المال من حيث وصل إليها بنعمته ومعونته، وهذا واضح لا شبهة فيه.