كما صرح به في آخر هذه المسألة فيتم قوله وليس في وجوبها دلالة وقول المصنف (ره) على الأقرب متعلق بالتعميمين كما عرفت الاخلاف فيهما والاستمناء أي طلب الامناء بغير الجماع ويفسد مع حصوله أما بدونه فغيره مفسد وإن حرم والدليل عليه الاجماع والأخبار الدالة على إفساد الانزال للصوم كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمنى قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع ووجوب الكفارة يدل على الافساد خصوصا بقرينة قوله (عليه السلام) مثل ما على الذي يجامع ورواية أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل وضع يده على شئ من جيد امرأة فأدفق فقال كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة ورواية سماعة قال سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل قال عليه إطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين ويؤيد ما ذكرناه أيضا رواية محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه سأل هل يباشر الصائم أو يقيل في شهر رمضان فقال أنى أخاف عليه فليتنزه عن ذلك إلا أن يثق إلا يسبقه منيه ورواية حفص بن سوقة عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في قضاء رمضان فيسبقه الماء فينزل فقال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع في رمضان وهذا الخبر بظاهره غير معمول به ويحتمل زيادة لفظ القضاء سهوا أو سقوطها من قوله يجامع في رمضان أو يحمل على فعل ذلك بعد الزوال أو على الماثلة في ثبوت أصل الكفارة لا في خصالها والشيخ (ره) في التهذيب أوله بما بعد الزوال وبصدور الفعل على جهة الاستخفاف والتهاون وسيأتي تفاصيل ما في حكم الاستمناء فيما بعد إنشاء تعالى وإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق أعم من أن يكون بمجرم كالتراب أو بمحلل كالدقيق وإن كان الحكم في المحرم أغلط بل ولا يختص تحريه فيه على رأيهم بالصوم وألحق المتأخرون بالغبار الدخان وبخار القدر ونحوه والتقييد بالغليظ أو الكثير وقع في أكثر عباراتهم كعبارة المفيد (ره) والشيخ (ره) في جمله كتبه وابن إدريس في السراير والعلامة في كتبه والمحقق في المعتبر ويظهر من كلامهم خصوصا من كلام العلامة في المختلف حيث يذكر احتجاج الطرفين إن محل البحث والخلاف هو الغبار الغليظ فترك المقيد في اللمعة والشرايع كأنه من باب الاختصار للاشتهار وليس الامر كما أفاده الشهيد الثاني (ره) من أن القيد لا وجه له كما سيظهر والحوالة في الغلظة إلى العرف كما هو دأبهم في الأمور التي لا تحديد لها في الشرع والمراد بالحلق مخرج الخاء المعجمة وتحريمه وإفساده للصوم قول معظم الأصحاب وادعى محمد بن إدريس عليه الاجماع وقال المفيد في موضع من المقنعة ويجتنب الصايم الرايحة الغليظة والغير تصل إلى الحلق فإن ذلك نقص في الصيام وحكم في موضع آخر منها بوجوب القضاء على من تعمد الكون في مكان فيه يره كثيرة أو رايحته غليظة فدخل حلقه شئ من ذلك وقال العلامة في المنتهي على قول السيد المرتضى ينبغي عدم الافساد بذلك والمراد بقول السيد ما نقله ونقلناه إن ابتلاع الحصاة وما أشبهها ليس بمفسد ويظهر من كلام بعض المتأخرين كالمحقق في المعتبر التوقف في ذلك ومستندهم في هذا الحكم إن ازدراد كل شئ يفسد الصوم والغبار من هذا الباب لأنه نوع من المتناولات وإن كان غير معتاد فيحرم ويفسد الصوم وأنه أوصل إلى جوفه ما ينافي الصوم فكان مفسدا له قالوا يؤيده ما رواه سليمان بن جعفر المروزي قال سمعته يقول إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رايحة غليظ أو كنس بيتا فدخل في أنفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فإن ذلك له فطر مثل الأكل والشرب والنكاح وظاهر كلام المبسوط والمسالك ورود أخبار أخر في هذا الباب ولكن ما رأيناها في كتبهم المتداولة وأنت خبير إن عدم دخول ذلك في الازدراد والاكل وخروج العباد عن المتناول خصوصا مع عدم الغلظة واضح جدا والمنع من مطلق إيصال شئ ينافي الصوم إلى الجوف لا دليل عليه كيف ولو كان الامر كذلك للزم التحفظ عن استنشاق الهواء غالبا لعدم خلوه في الأغلب عن مخالطة الذرات كما يظهر لمن نظر في الكوى التي تشرق منها الشمس وأيضا لا فرق بين الاجزاء المائية وغيرها في إفساد الصوم فيلزم التجنب عن استنشاق الأنجرة كما قالوا ويلزم منه المنع عن دخول الحمام لعدم خلوه في الأغلب عن البخار الغليظ وخصوصا على رأى من لا يقول باعتبار الغلظة مع تجويزهم ذلك وإقدام قاطبة المسلمين عليه عصرا بعد عصر من غير توقف وتأمل في غلظة بخاره وعدمها وورود النص بجوازه مطلقا من غير استفصال كصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) أن سال عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم فقال لا بأس ما لم يخش ضعفا ورواية أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم فقال ليس به بأس وأيضا لو كان التحرز عن إيصال الغبار المحرم إلى الجوف واجبا مطلقا لكان أمره بين المسلمين وشيوع التجنب عنه في حركاتهم وأعماله أظهر من أن يخفى ولكان حديث ذلك في الروايات والاخبار بحيث لا يبقى عليه غبار وأما استنباط هذا الأصل الكلى وفي الصوم عن الأخبار الواردة في المنع عن الاحتقان وجلوس المرأة في الماء والاكتحال والسعوط والاستياك بالسواك الرطب ونظايرها فغير سديد لضعف هذا الاستنباط أو تعارض هذه الأخبار لمثلها من الأخبار الواردة في الجواز وظهور الفرق بين إيصال جسم محسوس إلى الجوف كالكحل والدواء وبين إيصال ما سلب عنه اسمه بالبث والاضمحلال في الهواء كيف لا ومناط أمثال تلك الأحكام الفرعية الاطلاقات العرفية لا التدقيقات العقلية نعم أو خالطت الهواء صغار تدركها الطرف واللمس متميزة موسومة باسمها
(٣٤٢)