وقد يقال فلان عالم حقا إذا تكاملت فيه الأسباب التي بها يكون الرجل عالما ولا يقال هو عالم حقا إذا كان دون ذلك وإن كان عالما فكذلك لا يقال فقير حقا إلا لمن تكاملت فيه الأسباب التي يكون بها الفقير فقيرا وإن كان فقيرا ولهذا قال لهما ولا حق فيها لقوي مكتسب أي ولا حق له فيها حتى يكون به من أهلها حقا وهو قوى مكتسب ولولا أنه يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم إعطاؤه للقوى المكتسب إذا كان فقيرا لما قال لهما إن شئتما فعلت وهذا أولى ما حملت عليه هذه الآثار لأنها إن حملت على ما حملها عليه أهل المقالة الأولى ضادت سواها مما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر الزهراني قال ثنا شعبة عن أبي حمزة عن هلال بن حصين قال نزلت دار أبي سعيد الخدري بالمدينة فضمني وإياه المجلس فقال أصبحوا ذات يوم وقد عصبوا على بطنه حجرا من الجوع فقالت له امرأته أو أمه لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فقد أتاه فلان فسأله فأعطاه وأتاه فلان فسأله فأعطاه فقلت لا والله حتى أطلب فطلبت فلم أجد شيئا فاستبقت إليه وهو يخطب وهو يقول من استغنى أغناه الله ومن استعف أعفه الله ومن سألنا إما أن نبذل له وإما أن نواسيه ومن استعف عنا واستغنى أحب إلينا ممن سألنا قال فرجعت فما سألت أحدا بعد فما زال الله يرزقنا حتى ما أعلم بيتا في المدينة أكبر سؤالا منا حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن المنهال قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن هلال بن مرة عن أبي سعيد الخدري قال أعوزنا مرة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم من استعف أعفه الله ومن استغنى أغناه الله ومن سألنا أعطيناه قال قلت فلأستعف فيعفني الله ولاستغنى فيغنيني الله قال فوالله ما كان إلا أياما حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم زبيبا فأرسل إلينا منه ثم قسم شعيرا فأرسل إلينا منه ثم سالت علينا الدنيا فغرقتنا إلا من عصم الله حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن المنهال قال ثنا يزيد قال ثنا هشام عن قتادة عن هلال بن حصين أخي بنى مرة بن عباد عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
(١٦)