فدل فعله هذا صلى الله عليه وسلم على أن الحجامة لا تفطر الصائم ولو كانت مما يفطر الصائم إذا لما احتجم وهو صائم فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح الآثار وأما وجهه من طريق النظر فانا رأينا خروج الدم أغلظ أحواله أن يكون حدثا ينتقض به الطهارة وقد رأينا الغائط والبول خروجهما حدث ينتقض به الطهارة ولا ينقض الصيام فالنظر على ذلك أن يكون الدم كذلك وقد رأينا الصائم لا يفطره فصد العرق فالحجامة في النظر أيضا كذلك وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن يحيى بن سعيد أن سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد كانا لا يريان بالحجامة للصائم بأسا وقالا أرأيت لو احتجم على ظهر كفه أكان ذلك يفطره باب الرجل يصبح في يوم من شهر رمضان جنبا هل يصوم أم لا حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن سمى مولى أبى بكر أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمن يقول كنت أنا وأبى عند مروان بن الحكم وهو أمير المدينة فذكر أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم فقال مروان أقسمت عليك لتذهبن إلى أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما فتسألهما عن ذلك قال فذهب عبد الرحمن وذهبت معه حتى دخلنا على عائشة رضي الله عنها فسلم عليها عبد الرحمن ثم قال يا أم المؤمنين انا كنا عند مروان فذكر له أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم فقالت عائشة رضي الله عنها بئس ما قال أبو هريرة يا عبد الرحمن أترغب عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فقال لا والله قالت فأشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم ذلك اليوم
(١٠٢)