فكما كان يوم عاشوراء يجزئ من نوى صومه بعد ما أصبح فكذلك شهر رمضان يجزئ من نوى صوم يوم منه كذلك وبقى بعد هذا ما روينا في حديث حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو عندنا في الصوم الذي هو خلاف هذين الصومين من صوم الكفارات وقضاء شهر رمضان حتى لا يضاد ذلك شيئا مما ذكرناه في هذا الباب وغيره ويكون حكم النية التي يدخل بها في الصوم على ثلاثة أوجه فما كان منه فرضا في يوم بعينه كانت تلك النية مجزئة قبل دخول ذلك اليوم في الليل وفي ذلك اليوم أيضا وما كان منه فرضا لا في يوم بعينه كانت النية التي يدخل بها فيه في الليلة التي قبله ولم تجز بعد دخول اليوم وما كان منه تطوعا كانت النية التي يدخل بها فيه في الليل الذي قبله وفي النهار الذي بعد ذلك فهذا هو الوجه الذي يخرج عليه الآثار التي ذكرنا ولا تتضاد فهو أولى ما حملت عليه والى ذلك كان يذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله إلا أنهم كانوا يقولون ما كان منه يجزئ النية فيه بعد طلوع الفجر مما ذكرنا فإنها تجزئ في صدر النهار الأول ولا تجزئ فيما بعد ذلك باب معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة حدثنا إبراهيم بن مرزوق وعلي بن معبد قالا ثنا روح بن عبادة قال أنا حماد عن سالم بن عبد الله بن سالم عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر بن فارس قال ثنا شعبة عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله قال أبو جعفر ففي هذا الحديث أن هذين الشهرين لا ينقصان فتكلم الناس في معنى ذلك فقال قوم لا ينقصان أي لا يجتمع نقصانهما في عام واحد وقد يجوز أن ينقص أحدهما وهذا قول قد دفعه العيان لأنا قد وجدناهما ينقصان في أعوام وقد يجمع ذلك في كل واحد منهما فدفع ذلك قوم بهذا وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قد ذكرناه في غير هذا الموضع أنه قال في شهر رمضان
(٥٨)