وذو المرة السوي إنما تحل له من جهة الفقر خاصة وإن كانا جميعا قد يحل لهما أخذها فان الأفضل لذي المرة السوي تركها والاكل من الاكتساب بعمله وقد يغلظ الشئ من هذا فيقال لا يحل أو لا يكون كذا على أنه غير متكامل الأسباب التي بها يحل ذلك المعنى وإن كان ذلك المعنى قد يحل بما دون تكامل تلك الأسباب من ذلك ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس المسكين بالطواف ولا بالذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان ولكن المسكين الذي لا يسأل ولا يفطن له فيتصدق عليه فلم يكن المسكين الذي يسأل خارجا من أسباب المسكنة وأحكامها حتى لا يحل له أخذ الصدقة وحتى لا يجزئ من أعطاه منها شيئا مما أعطاه من ذلك ولكن ذلك على أنه ليس بمسكين متكامل أسباب المسكنة فكذلك قوله لا تحل الصدقة لذي مرة سوى أي أنها لا تحل له من جميع الأسباب التي بها تحل الصدقة وإن كان قد تحل له ببعض تلك الأسباب واحتج أهل المقالة الأولى لمذهبهم أيضا بما حدثنا أبو أمية قال ثنا جعفر بن عون قال ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال حدثني رجلان من قومي أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الصدقة فسألاه منها فرفع البصر وخفضه فرأهما جلدين قويين فقال إن شئتما فعلت ولا حق فيها لغنى ولا لقوي مكتسب حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث والليث بن سعد عن هشام بن عروة فذكر بإسناده مثله حدثنا أبو بكرة قال ثنا الحجاج بن المنهال قال ثنا حماد بن سلمة وهمام عن هشام فذكر بإسناده مثله قالوا فقد قال لهما لا حق فيها لقوي مكتسب فدل ذلك على أن القوى المكتسب لاحظ له في الصدقة ولا تجزئ من إعطاءه منها شيئا فالحجة للآخرين عليهم في ذلك أن قوله إن شئتما فعلت ولا حق فيها لغنى أي أن غناكما يخفى على فان كنتما غنيين فلا حق لكما فيها وإن شئتما فعلت لأني لم أعلم بغناكما فمباح لي إعطاؤكما وحرام عليكما أخذ ما أعطيتكما إن كنتما تعلمان من حقيقة أموركما في الغنى خلاف ما أرى من ظاهركما الذي استدللت به على فقركما فهذا معنى قوله إن شئتما فعلت ولا حق فيها لغنى وأما قوله ولا لقوة مكتسب فذلك على أنه لا حق للقوى المكتسب من جميع الجهات التي يجب الحق فيها فعاد معنى ذلك إلى معنى مرة قوى
(١٥)