وفي حديث سلمان رضي الله عنه فقال فجئت فقال أهدية أم صدقة فقلت بل صدقة لأنه بلغني أنكم قوم فقراء فامتنع من أكلها لذلك وإنما كان سلمان رضى الله تعالى عنه يومئذ عبدا ممن لا يجب عليه زكاة فدل ذلك على أن كل الصدقات من التطوع وغيره قد كان محرما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى سائر بني هاشم والنظر أيضا يدل على استواء حكم الفرائض والتطوع في ذلك وذلك أنا رأينا غيبني هاشم من الأغنياء والفقراء في الصدقات المفروضات والتطوع سواء من حرم عليه أخذ صدقة مفروضة حرم عليه أخذ صدقة غير مفروضة فلما حرم على بني هاشم أخذ الصدقات المفروضات حرم عليهم أخذ الصدقات غير المفروضات فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقد اختلف عن أبي حنيفة رحمه الله في ذلك فروى عنه أنه قال لا بأس بالصدقات كلها على بني هاشم وذهب في ذلك عندنا إلى أن الصدقات إنما كانت حرمت عليهم من أجل ما جعل لهم في الخمس من سهم ذوي القربى فلما انقطع ذلك عنهم ورجع إلى غيرهم بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم حل لهم بذلك ما قد كان محرما عليهم من أجل ما قد كان أحل لهم وقد (0) حدثني سليمان بن شعيب عن أبيه عن محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهم الله في ذلك مثل قول أبى يوسف رحمه الله فبهذا نأخذ فان قال قائل أفتكرهها على مواليهم قلت نعم لحديث أبى رافع الذي قد ذكرناه في هذا الباب وقد قال ذلك أبو يوسف رحمه الله في كتاب الاملاء وما علمت أحدا من أصحابنا خالفه في ذلك فان قال قائل أفتكره للهاشمي أن يعمل على الصدقة قلت لا فإن قال ولم وفي حديث ربيعة بن الحارث والفضل بن عباس الذي ذكرت مع النبي صلى الله عليه وسلم إياهما من ذلك قلت ما فيه منع من ذلك لأنهم سألوه أن يستعملهم على الصدقة ليسدوا بذلك فقرهم فسد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرهم بغير ذلك وقد يجوز أيضا أن يكون أراد بمنعهم أن يؤكلهم على العمل على أوساخ الناس لا لان ذلك يحرم عليهم لاجتعالهم منه عمالتهم عليه وقد وجدنا ما يدل على هذا حدثنا أبو أمية قال ثنا قبيصة بن عقبة عن عبد الله
(١١)