ويحتمل أيضا أن يكون أراد به التوقيت لأهل مكة في العمرة وأن لا يجاوزوه لها إلى غيره فنظرنا في ذلك فإذا يزيد بن سنان قد حدثنا قال ثنا عثمان بن عمر قال ثنا أبو عامر صالح بن رستم عن أبي مليكة عن عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف وأنا أبكي فقال ما ذاك قلت حضت قال فلا تبكي اصنعي ما يصنع الحاج فقدمنا مكة ثم أتينا منى ثم غدونا إلى عرفة ثم رمينا الجمرة تلك الأيام فلما كان يوم النفر ارتحل فنزل الحصبة قالت والله ما نزلها إلا من أجلي فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فقال احمل أختك فاخرجها من الحرم قالت والله ما ذكر الجعرانة ولا التنعيم فلتهل بعمرة فكان أدنانا من الحرم التنعيم فأهللت بعمرة فطفنا بالبيت وسعينا بين الصفا والمروة ثم أتيناه فارتحل فأخبرت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد لما أراد أن يعمرها إلا إلى الحل لا إلى موضع منه بعينه خاصا وأنه إنما قصد بها عبد الرحمن التنعيم لأنه كان أقرب الحل إليهم لا لمعنى فيه يبين به من سائر الحل غيره فثبت بذلك أن وقت أهل مكة لعمرتهم هو الحل وأن التنعيم في ذلك وغيره سواء وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى باب الهدي يصد عن الحرام هل ينبغي أن يذبح في غير الحرم أم لا حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت عن أم كرز قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية أسأله عن لحوم الهدي قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الهدي إذا صد عن الحرم نحر في غير الحرم واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وقالوا لما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي بالحديبية إذ صد عن الحرم دل ذلك على أن لمن منع من إدخال هديه الحرم أن يذبحه في غير الحرم وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يجوز نحر الهدي إلا في الحرم وكان من حجتهم في ذلك قول الله عز وجل هديا بالغ الكعبة فكان الهدي قد جعله الله عز وجل ما بلغ الكعبة فهو كالصيام الذي جعله الله عز وجل متتابعا في كفارة الظهار وكفارة القتل فلا يجوز غير متتابع وإن كان الذي وجب عليه غير منطبق الاتيان به متتابعا فلا تبيحه الضرورة أن يصومه متفرقا
(٢٤١)