ثم عرفها سنة)) وفي رواية المؤلف أبي داود وكذا عند مسلم ((عرفها سنة ثم اعرف وكاءها)) فهذه الرواية تقتضي أن معرفة الوكاء والعفاص تتأخر على تعريفها سنة، ورواية مالك صريحة في تقديم المعرفة على التعريف. قلت: قال النووي الجمع بينهما بأن يكون مأمورا " بالمعرفة في حالتين فيعرف العلامات أول ما يلتقط حتى يعلم صدق واصفها إذا وصفها ثم بعد تعريفها سنة إذا أراد أن يتملكها فيعرفها مرة أخرى معرفة وافية محققة ليعلم قدرها وصفتها لاحتمال أن يجيء صاحبها فيقع الاختلاف في ذلك، فإذا عرفها الملتقط وقت التملك يكون القول قوله لأنه أمين واللقطة وديعة عنده (ثم استنفق بها) أي وإن لم يأت أحد بعد التعريف حولا " فاستنفقها من الاستنفاق وهو استفعال، وباب الاستفعال للطلب لكن الطلب على قسمين صريح وتقديري، وههنا لا يتأتى الصريح فيكون للطلب التقديري قاله العيني. وقال النووي: ومعنى استنفق بها تملكها ثم أنفقها على نفسك انتهى (فقال) أي السائل (فضالة الغنم) أي ما حكمها والأكثرون على أن الضالة مختصة بالحيوان، وأما غيره فيقال فيه لقطة. وسوى الطحاوي بين الضالة واللقطة (فإنما هي لك) إن أخذتها وعرفتها سنة ولم تجد صاحبها (أو لأخيك) أي في الدين ملتقط آخر (أو للذئب) إن تركتها ولم يأخذها غيرك لأنها لا تحمي نفسها. وهذا على سبيل التنويع والتقسيم، وأشار إلى إبطال قسمين فتعين الثالث فكأنه قال ينحصر الأمر في ثلاثة أقسام أن تأخذها لنفسك أو تتركها فيأخذها مثلك أو يأكلها الذئب، ولا سبيل إلى تركها للذئب فإنها إضاعة مال، ولا معنى لتركها لملتقط آخر مثل الأول بحيث يكون الثاني أحق لأنهما استويا وسبق الأول فلا معنى للترك واستحقاق المسبوق، وإذا بطل هذان القسمان تعين الثالث وهو أن تكون لهذا الملتقط. والتعبير بالذئب ليس بقيد فالمراد جنس ما يأكل الشاة ويفترسها من السباع قاله القسطلاني. وقال الخطابي: وقوله في ضالة الغنم ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) فيه دليل على أنه إنما جعل هذا حكمها إذا وجدت بأرض فلاة يخاف عليها الذئاب فيها، فإذا وجدت في قرية وبين ظهراني عمارة فسبيلها سبيل اللقطة في التعريف إذ كان معلوما " أن الذئاب لا تأوي إلى الأمصار والقرى فأما ضالة الإبل فإنه لم يجعل لواجدها أن يتعرض لها لأنها قد ترد الماء وترعى الشجر وتعيش بلا راع وتمتنع من أكثر السباع فيجب أن يخلي سبيلها حتى يأتي ربها انتهى (فضالة الإبل) ما حكمها (وجنتاه) الوجنة ما ارتفع من الخدين (أو احمر
(٨٥)