(باب المهلة بالعمرة تحيض) قبل إتمام أفعال العمرة (فيدركها الحج فتنقض عمرتها) وفي بعض النسخ فترفض عمرتها (وتهل) تحرم (بالحج) بعد رفضها (هل تقضي عمرتها) التي أحرمت بها قبل إدراك الحج. فإن قلت: يفهم من ترجمة الباب أن عائشة كانت قد رفضت العمرة لأجل عذر الحيض فالعمرة التي أهلت بها من التنعيم قضاء عنها لأداء مرة أخرى.
قلت: نعم كذا يفهم من ترجمة الباب لكن فيه كلام لأن العمرة لا يصح رفضها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يسعك طوافك لحجك وعمرتك)) وفي لفظ ((حللت منهما جميعا)) فإن قيل قد ثبت في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال لها ارفضي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي)) وفي لفظ آخر ((دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي)) وفي لفظ ((أهلي بالحج ودعي العمرة)) فهذا صريح في رفضها من وجهين أحدهما قوله ارفضيها ودعيها، والثاني أمره لها بالامتشاط. قيل معنى قوله ارفضيها أي اتركي أفعالها والاقتصار عليها وكوني في حجة معها، ويتعين أن يكون هذا المراد بقوله ((حللت منهما جميعا)) لما قضيت أعمال الحج. وقوله ((يسعك طوافك لحجك وعمرتك)) فهذا صريح أن إحرام العمرة لم ترفض وإنما رفضت أعمالها والاقتصار عليها، وأنها بقضاء حجتها انقضى حجتها وعمرتها، ثم أعمرها من التنعيم تطييبا " لقلبها إذ تأتي بعمرة مستقلة كصواحباتها. ويوضح ذلك إيضاحا بينا " ما روى مسلم في صحيحه ولفظ ((قالت عائشة وخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)) في حجة الوداع فحضت فلم أزل حائضا " حتى كان يوم عرفة ولم أهل إلا بعمرة فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنقض رأسي وأمتشط وأهل بالحج وأترك العمرة، قالت ففعلت ذلك حتى إذا قضيت حجي بعث معي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر وأمرني أن أعتمر من التنعيم مكان عمرتي التي أدركني الحج ولم أحل منها)) فهذا حديث في غاية الصحة والصراحة أنها لم تكن أحلت من عمرتها وأنها بقيت محرمة بها حتى أدخلت عليها الحج، فهذا خبرها عن نفسها وذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لها كل منهما