(باب يبيت بمكة ليالي منى) (فبات بمنى وظل) ظل عطف على بات بمنى وظل بمنى، وظل وبات من الأفعال الناقصة موضوعتان لاقتران مضمون الجملة بوقتيهما. فمعنى ظل زيد سائرا " كان زيد في جميع النهار سائرا " فاقترن مضمون الجملة وهو سير زيد بجميع النهار مستغرقا " له. ومعنى بات زيد سائرا " كان زيد في جميع الليل سائرا "، فاقترن مضمون الجملة أعني سير زيد بجميع الليل مستغرقا " له. فمعنى قول ابن عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جميع الليل والنهار مقيما " بمنى أيام منى يعني أنه لم يبت بمكة أيام منى أصلا " ليلا " ولا نهارا "، وأما نحن فلم نكن كذلك فإن منا من كان يبيت بمكة أيام منى لضرورة داعية إلى بيتوتته بها مثل حفظ المال وسقاية الحاج، فنحن نتبايع بأموال الناس فيأتي أحدنا مكة أيام منى فيبيت هناك من أجل حفظ المال الذي كنا نتبايع به، كما أن العباس رضي الله عنه يبيت بها من أجل سقايته وفقه الحديث أن للحاج رخصة في بيتوتته بمكة أيام منى إذا دعت إليها ضرورة وليست مقصورة على سقاية الحاج بل يعمها وغيرها من الضرورات كذا في الشرح. وقال في فتح الودود: يريد ابن عمر أن فعلكم يخالف السنة ومقتضى حديث العباس الآتي أنه لا إساءة في المعذور في ترك المبيت انتهى. قال الخطابي:
قد اختلف أهل العلم في المبيت بمكة ليالي منى لحاجة مال ونحوه، فكان ابن عباس يقول لا بأس به إذا كان للرجل متاع بمكة يخشى عليه إن بات بمنى. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا شئ.
على من كان بمكة أيام منى إذا رمى الجمرة وقد أساء وقال الشافعي: ليست الرخصة في هذا إلا لأهل السقاية، ومن مذهبه أن في ليلة درهما " وفي ليلتين درهمين وفي ليال دم. وكان مالك يرى عليه في ليلة واحدة دما " انتهى. والحديث سكت عنه المنذري.
(أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته) أي التي بالمسجد الحرام المملوءة من ماء