(واتخذوا) بكسر الخاء على الأمر وهي إحدى القراءتين والأخرى بالفتح على الخبر، والأمر دال على الوجوب. قال في الفتح: لكن انعقد الاجماع على جواز الصلاة إلى جميع جهات الكعبة فدل على عدم التخصيص، وهذا بناء على أن المراد بمقام إبراهيم الذي فيه أثر قدميه وهو موجود الآن. وقال مجاهد المراد بمقام إبراهيم الحرم كله والأول أصح (فقرأ) النبي صلى الله عليه وسلم (فيهما بالتوحيد) أي قل هو الله أحد فيه استحباب القراءة بهاتين السورتين مع فاتحة الكتاب وقد اختلف في وجوب هاتين الركعتين فذهب أبو حنيفة وهو مروي عن الشافعي في أحد قوليه إلى أنهما واجبتان، واستدلوا بالآية المذكورة، وأجيب عن ذلك بأن الأمر فيها إنما هو باتخاذ المصلى لا بالصلاة. وقد قال الحسن البصري وغيره إن قوله (مصلى) أي قبلة انتهى. وقد تقدم الكلام في إسناد هذا الحديث ومعناه تحت حديث حاتم بن إسماعيل بما ذكره النووي، لكن يظهر من هذه الرواية أن قوله فقرأ فيهما بالتوحيد هو قول مدرج من محمد بن علي ما ذكره جابر، وكذا قوله قال علي بالكوفة فذهبت محرشا " إلى آخر قصة فاطمة رضي الله عنها هو ذكره محمد بن علي منقطعا " من غير ذكر جابر والله أعلم.
(باب الوقوف بعرفة) (ومن دان دينها) أي تبعهم واتخذ دينهم دينا " (يقفون بالمزدلفة) أي يقف الناس بعرفة (وكانوا) أي قريش (يسمون الحمس) جمع أحمس من الحماسة بمعنى الشجاعة والشدة وبه لقب قريش وكنانة ومن قبلهم في الجاهلية، لتحمسهم في دينهم أو لالتجائهم إلى الحمساء وهي الكعبة لأن أحجارها أبيض إلى السواد وهو يكون شديدا " والحاصل أن قريشا " كانت قبل الاسلام تقف بالمزدلفة وهي من الحرم ولا يقفون بعرفات، وكان سائر العرب يقفون بعرفات، وكانت قريش تقول: نحن أهل الحرم فلا نخرج منه (سائر العرب) يعني بقيتهم (يقفون بعرفة)