(باب المحرم يحتجم) (احتجم وهو محرم) قال الخطابي: لم يكن أكثر من كره من الفقهاء الحجامة للمحرم إلا من أجل قطع الشعر، وإن احتجم في موضع لا شعر عليه فلا بأس به، وإن قطع شعرا افتدى. وممن رخص في الحجامة للمحرم سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال مالك لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة لا بد منها. وكان الحسن يرى في الحجامة دما يهريقه. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي انتهى.
(من داء كان به) أي من مرض. ولفظ البخاري ومسلم في وسط رأسه من رواية ابن بحينة. قال النووي: في هذا الحديث دليل لجواز الحجامة للمحرم، وقد أجمع العلماء على جوازها له في الرأس وغيره إذا كان له عذر في ذلك وقطع الشعر حينئذ، لكن عليه الفدية لقطع الشعر فإن لم يقطع فلا فدية عليه. ودليل المسألة قوله تعالى: (فمن كان مريضا " أو به أذى من رأسه ففدية) الآية. وهذا الحديث محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس لأنه لا ينفك عن قطع شعر أما إذا أراد المحرم الحجامة بغير حاجة فإن تضمنت قلع شعر فهي حرام لتحريم قطع الشعر فإن لم تضمن ذلك بأن كانت في موضع لا شعر فيه فهي جائز عندنا وعند الجمهور ولا فدية فيها. وعن ابن عمر ومالك كراهتها، وعن الحسن البصري فيها الفدية. دليلنا أن اخراج الدم ليس حراما " في الإحرام. وفي هذا الحديث بيان قاعدة من مسائل الإحرام وهي أن الحلق واللباس وقتل الصيد ونحو ذلك من المحرمات يباح للحاجة وعليه الفدية كمن احتاج إلى حلق أو لباس لمرض أو حر أو برد أو قتل صيد للمجاعة وغير ذلك انتهى. قال المنذري: وأخرجه البخاري وأخرجه النسائي مختصرا ".