(باب في المحرم يظلل) (وأحدهما) أي والحال أن أحدهما (آخذ) بصيغة الفاعل (بخطام) بكسر الخاء بمعنى الزمام والمهار ككتاب (رافع) بالتنوين (ثوبه) ثوبا " في يده (يستره) أي يظلله بثوب مرتفع على رأسه بحيث لم يصل الثوب إلى رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظ أحمد ومسلم ((حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس النبي صلى الله عليه وسلم يظلله من الشمس)) (من الحر) وفيه جواز تظليل المحرم على رأسه بثوب وغيره من محمل وغيره، وإلى ذلك ذهب الجمهور. وقال مالك وأحمد لا يجوز والحديث يرد عليهما. وأجاب عنه بعض أصحاب مالك بأن هذا المقدار لا يكاد يدوم، فهو كما أجاز مالك للمحرم أن يستظل بيده فإن فعل لزمته الفدية عند مالك وأحمد، وأجمعوا على أنه لو قعد تحت خيمة أو سقف جاز. وقد احتج لمالك وأحمد على منع التظلل بما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه أبصر رجلا " على بعيره وهو محرم قد استظل بينه وبين الشمس فقال اضح لمن أحرمت له وبما أخرجه البيهقي أيضا بإسناد ضعيف عن جابر مرفوعا ": ما من محرم يضحي للشمس حتى تغرب إلا غربت بذنوبه حتى يعود كما ولدته أمه، وقوله اضح بالضاد المعجمة وكذا يضحي للشمس والمراد أبرز للضحى. قال الله تعالى: (وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) ويجاب عن قول ابن عمر بأنه موقوف وبأن حديث جابر مع كونه ضعيفا " لا يدل على المطلوب وهو المنع من التظلل ووجوب الكشف، لأن غاية ما فيه أنه أفضل على أنه يبعد منه صلى الله عليه وسلم أن يفعل المفضول ويدع الأفضل في مقام التبليغ قاله الشوكاني. قال المنذري: وأخرجه مسلم والنسائي.
(٢٠٢)