واستدل أيضا " على أن من أصاب طيبا " في إحرامه ناسيا " أو جاهلا " ثم علم فبادر إلى إزالته فلا كفارة عليه. وعلى أن اللبس جهلا " لا يوجب الفدية، وقال مالك: إن طال ذلك عليه لزمه دم. وعن أبي حنيفة وأحمد في رواية: يجب مطلقا ".
(باب ما يلبس المحرم) قال الحافظ: المراد بالمحرم من أحرم بحج أو عمرة أو قرن. وحكى ابن دقيق العيد أن ابن عبد السلام كان يستشكل معرفة حقيقة الإحرام يعني على مذهب الشافعي ويرد على من يقول إنه النية، لأن النية شرط في الحج الذي الإحرام ركنه وشرط الشئ غيره، ويعترض على من يقول: إنه التلبية بأنها ليست ركنا "، وكأنه يحوم على تعيين فعل تتعلق به النية في الابتداء انتهى. والذي يظهر أنه مجموع الصفة الحاصلة من تجرد وتلبية ونحو ذلك (ولا البرنس) بضم الباء والنون هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة أو جبة أو غيره. قال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الاسلام من البرس بكسر الموحدة القطن كذا في مجمع البحار.
وقال الخطابي: فيه دليل على أن كل شئ غطى رأسه من معتاد اللباس كالعمائم والقلانس ونحوها وكالبرنس أو الحمل يحمله على رأسه والمكتل يضعه فوقه وكل ما دخل في معناه فإن فيه الفدية (ولا ثوبا " مسه ورس) الورس بفتح الواو وسكون الراء بعدها مهملة نبت أصفر طيب الرائحة يصبغ به. قال ابن العربي: ليس الورس من الطيب ولكنه نبه به على اجتناب الطيب وما يشبهه في ملاءمة الشم فيؤخذ منه تحريم أنواع الطيب على المحرم وهو مجمع عليه فيما يقصد به التطيب. وظاهر قوله مسه تحريم ما صبغ كله أو بعضه ولكنه لابد عند الجمهور من أن يكون للمصبوغ رائحة فإن ذهبت جاز لبسه خلافا " لمالك (إلا لمن لا يجد النعلين) في لفظ للبخاري: وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين فإن لم يجد النعلين فليلبس