التعريف ثلاث سنين محمول على الورع وزيادة الفضيلة قال: وقد أجمع العلماء على الاكتفاء بتعريف سنة ولم يشترط أحد تعريف ثلاثة أعوام إلا ما روي عن عمر ولعله لم يثبت عنه انتهى كلامه وتقدم الكلام في ذلك والله أعلم (فإن جاء صاحبها فعرف عددها إلخ) قال الخطابي: فيه دلالة على أنه إذا وصف اللقطة وعرف عددها دفعت إليه من غير تكليف بينة سواها، وهو مذهب مالك وأحمد بن حنبل، وقال الشافعي إن وقع في نفسه أنه صادق وقد عرف الرجل العفاص والوكاء والعدد والوزن دفعها إليه إن شاء ولا يجبر على ذلك إلا ببينة لأنه قد يصيب الصفة بأن يسمع الملتقط يصفها وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه.
قلت: ظاهر الحديث هذا يوجب دفعها إليه إذا أصاب الصفة وهو فائدة قوله اعرف عفاصها ووكاءها، فإن صحت هذه اللفظة في رواية حماد وهي قوله فعرف عددها فادفعها كان ذلك أمرا " لا يجوز خلافه وإن لم يصح فالاحتياط مع من لم يرى الرد إلا ببينة لقوله صلى الله عليه وسلم ((البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه)) ويتأول على هذا المذهب قوله ((اعرف عفاصها ووكاءها على وجهين أحدهما أنه أمره بذلك لئلا يختلط بماله فلا يتميز منه، والوجه الآخر لتكون الدعوى فيها معلومة وأن الدعوى المبهمة لا تقبل. قلت: وأمره بإمساك اللقطة وتعريفها أصل في أبواب من الفقه، إذا عرضت الشبهة فلم يتبين الحكم فيها، وإلى هذا ذهب الشافعي في كثير من المسائل مثل أن يطلق أحد نسائه من غير تعيين ومات فإن اليمين توقف حتى تبين المطلقة منهن أو يصطلحن على شئ في نظائر لها من الأحكام انتهى.
(عن يزيد مولى المنبعث) بضم الميم وسكون النون وفتح الموحدة وكسر المهملة بعدها مثلثة (ثم اعرف وكاءها) الوكاء الخيط الذي تشد به الصرة (وعفاصها) الذي تكون فيه النفقة.
وأصل العفاص الجلد الذي يلبس رأس القارورة قاله الخطابي. قال العيني: العفاص بكسر العين المهملة وتخفيف الفاء وبالصاد وهو الوعاء الذي يكون فيه النفقة سواء كان من جلد أو خرقة أو حرير أو غيرها. فإن قلت: في رواية مالك كما عند الشيخين ((اعرف عفاصها ووكاءها