والقبض، وخلوتم بالدعة، ونجوتم بالضيق من السعة، فمججتم ما وعيتم، ودسعتم الذي تسوغتم " فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد " ألا!
وقد قلت ما قلت هذا على معرفة مني بالجذلة التي خامرتكم، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم، ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وخور القناة، وبثة الصدر، وتقدمة الحجة، فدونكموها! فاحتقبوها دبرة الظهر، نقبة الخف، باقية العار، موسومة بغضب الله وشنار الأبد، موصولة ب " نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة "! فبعين الله ما تفعلون " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون "، وأنا ابنة " نذير لكم بين يدي عذاب شديد "، " فاعملوا إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون ".
فأجابها أبو بكر عبد الله بن عثمان، وقال:
يا ابنة رسول الله! لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريما رؤوفا رحيما، وعلى الكافرين عذابا أليما وعقابا عظيما، إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء، وأخا إلفك دون الأخلاء، آثره على كل حميم، وساعده في كل أمر جسيم، لا يحبكم إلا سعيد ولا يبغضكم إلا شقي بعيد، فأنتم عترة رسول الله صلى الله عليه وآله الطيبون الخيرة المنتجبون، على الخير أدلتنا وإلى الجنة مسالكنا، وأنت يا خيرة النساء وابنة خير الأنبياء صادقة في قولك، سابقة في وفور عقلك، غير مردودة عن حقك، ولا مصدودة عن صدقك، والله ما عدوت رأي رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عملت إلا بإذنه، وإن الرائد لا يكذب أهله، فإني أشهد الله وكفى به شهيدا: أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا دارا ولا عقارا، وإنما نورث الكتاب والحكمة والعلم والنبوة، وما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه " وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح يقاتل بها المسلمون ويجاهدون الكفار ويجالدون المردة الفجار، وذلك بإجماع من المسلمين لم أنفرد به وحدي، ولم