وقال ابن المعتز في طبقاته ص 125: وكان يجتاز بقم فيقيم عند شيعتها فيقسطون له في كل سنة خمسة ألف درهم.
يقع البحث في ترجمته من نواحي أربع.
1 - تهالكه في ولاء أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم.
2 - نبوغه في الشعر والأدب والتاريخ وتآليفه.
3 - روايته للحديث والرواة عنه ومن يروى هو عنه.
4 - سيره مع الخلفاء. ثم ملحه ونوادره ثم ولادته ووفاته.
* (أما الأولى) * فجلية الحال فيها غنية عن البرهنة عليها فما ظنك برجل كان يسمع منه وهو يقول: أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ خمسين سنة لست أجد أحدا يصلبني عليها. وقيل للوزير محمد بن عبد الملك الزيات: لم لا تجيب دعبلا عن قصيدته التي هجاك فيها؟! قال: إن دعبلا جعل خشبته على عنقه يدور بها يطلب من يصلبه بها منذ ثلثين سنة وهو لا يبالي (1).
كل ذلك من جراء ما كان ينافح ويناطح ويناضل وينازل في الذب عن البيت النبوي الطاهر، والتجاهر بموالاتهم، والوقيعة في مناوئيهم، لا يقر به قرار، فلا يقله مأمن ولا يظله سقف منتجع، وما زالت تتقاذف به أجواز الفلا فرقا من خلفاء الوقت، وأعداء العترة الطاهرة، ومع ذلك كله فقصائده السائرة تلهج بها الركبان، وتزدان بها الأندية، وهي مسرات للموالين، ومحفظات للأعداء، ومثيرات للعهن والضغاين حتى قتل على ذلك شهيدا.
وما ينقم من المترجم له من التوغل في الهجاء في غير واحد من المعاجم فإن نوع ذلك الهجو والسباب المقذغ فيمن حسبهم أعداء للعترة الطاهرة وغاصبي مناصبهم، فكان يتقرب به إلى الله وهو من المقربات إليه سبحانه زلفى، وإن الولاية لا تكون خالصة إلا بالبراءة ممن يضادها ويعاندها كما تبرأ الله ورسوله من المشركين، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، غير أن أكثر أرباب المعاجم من الفئة المتحيزة إلى أعداء هذا البيت الطاهر حسبوا ذلك منه ذنبا لا يغفر كما هو عادتهم في جل رجالات الشيعة.