وكان صلى الله عليه وآله يثور شعراءه إلى الجدال بنبال النظم وحسام القريض ويحرضهم إلى الحماسة في مجابهة الكفار في قولهم المضاد لمبدءه القدسي، ويبث فيهم روحا دينيا قويا، ويؤكد فيهم حمية تجاه الحمية الجاهلية، وكان يوجد فيهم هياجا ونشاطا في النشر والدعاية، وشوقا مؤكدا إلى الدفاع عن حامية الاسلام المقدس، ورغبة في المجاهدة بالنظم بمثل قوله صلى الله عليه وآله للشاعر: اهج المشركين فإن روح القدس معك ما هاجيتهم (1) وقوله: اهجهم فإن جبريل معك (2) قال البراء بن عازب: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قيل له: إن أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يهجوك، فقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله؟ إئذن لي فيه فقال: أنت الذي تقول: ثبت الله؟ قال: نعم يا رسول الله؟:
فثبت الله ما أعطاك من حسن، تثبيت موسى ونصرا مثل ما نصروا قال صلى الله عليه وآله: وأنت يفعل الله بك خيرا مثل ذلك. قال: ثم وثب كعب فقال: يا رسول الله؟ إئذن لي فيه. قال: أنت الذي تقول: همت؟ قال: نعم، قلت يا رسول الله؟:
همت سخينة أن تغالب ربها * فليغلبن مغالب الغلاب قال صلى الله عليه وآله: إن الله لم ينس ذلك لك. قال ثم قام حسان فقال: يا رسول الله؟ إئذن لي فيه وأخرج لسانا له أسود فقال: يا رسول الله؟ إئذن لي إن شئت أفريت به المزاد (3) فقال: إذهب إلى أبي بكر ليحدثك حديث القوم وأيامهم وأحسابهم ثم اهجهم وجبريل معك (2) وهذه الطائفة من الشعراء هم المعنيون بقوله تعالى: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثير وانتصروا من بعد ما ظلموا. وهم المستثنون في صريح القرآن من قوله تعالى: والشعراء يتبعهم الغاوون. الآية سورة الشعراء. ولما نزلت