حالنا حتى ننظر إلى ما يصير أمر الناس، ووثب محمد بن مسلمة بن مخلد بن صامت الأنصاري فنعى عثمان ودعا إلى الطلب بدمه. فأرسل إليه قيس: ويحك أعلي تثب؟ والله ما أحب أن لي ملك الشام ومصر وإني قتلتك فأحقن دمك. فأرسل إليه مسلمة: إني كاف عنك ما دمت أنت والي مصر، وكان قيس له حزم ورأي (1).
خرج أمير المؤمنين عليه السلام إلى الجمل وقيس على مصر، ورجع من البصرة إلى الكوفة وهو بمكانه ووليها أربعة أشهر وخمسة أيام، دخلها كما مر في مستهل ربيع الأول وصرف منها لخمس خلون من رجب كما في الخطط للمقريزي، فما في الاستيعاب وغيره: إنه شهد الجمل الواقع في جمادى الآخرة سنة 36 في غير محله، نعم يظهر من التاريخ شهوده في مقدمات الجمل.
وولاه على أمير المؤمنين آذربيجان كما في تاريخ اليعقوبي 2 ص 178 وكتب إليه وهو عليها: أما بعد: فأقبل على خراجك بالحق، وأحسن إلى جندك بالإنصاف، وعلم من قبلك مما علمك الله، ثم إن عبد الله بن شبيل الأحمسي سألني الكتاب إليك فيه بوصايتك به خيرا، فقد رأيته وادعا متواضعا، فألن حجابك، وافتح بابك، واعمد إلى الحق، فإن من وافق الحق ما يحبو أسره، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله، إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب.
قال غياث: ولما أجمع علي على القتال لمعاوية كتب أيضا إلى قيس: أما بعد:
فاستعمل عبد الله بن شبيل الأحمسي خليفة لك وأقبل إلي، فإن المسلمين قد أجمع ملأهم وانقادت جماعتهم، فعجل الاقبال فأنا سأحضرن إلى المحلين عند غرة الهلال إنشاء الله، وما تأخري إلا لك، قضى الله لنا ولك بالاحسان في أمرنا كله.
وروى الطبري في تاريخه 6 ص 91، وابن كثير في تاريخه 8 ص 14 عن الزهري : أنه قال: جعل علي عليه السلام قيس بن سعد على مقدمة من أهل العراق إلى قبل آذربيجان وعلى أرضها وشرطة الخميس التي ابتدعتها العرب وكانوا أربعين ألفا بايعوا عليه السلام على الموت، ولم يزل قيس يداري ذلك البعث حتى قتل علي عليه السلام واستخلف