من الأمير يلي ما يلي من أموره (1) وكان حامل راية الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض الغزوات، واستعمله على الصدقة، وكان من ذوي الرأي من الناس (2) وبعده ولاه أمير المؤمنين عليه السلام مصر وكان أميرها الطاهر.
كان قيس من شيعة علي عليه السلام ومناصحيه بعثه علي أميرا على مصر في صفر سنة 36، وقال له: سر إلى مصر فقد وليتكها، واخرج إلى ظاهر المدينة، واجمع إليك ثقاتك ومن أحببت أن يصحبك حتى تأتي مصر ومعك جند، فإن ذلك أرعب لعدوك وأعز لوليك، فإذا أنت قدمتها إنشاء الله فأحسن إلى المحسن، واشدد على المريب، و أرفق بالعامة والخاصة فإن الرفق يمن.
فقال قيس: رحمك الله يا أمير المؤمنين؟ قد فهمت ما ذكرت، فأما الجند فإني أدعه لك، فإذا احتجت إليهم كانوا قريبا منك، وإن أردت بعثتهم إلى وجه من وجوهك كان لك عدة، ولكني أسير إلى مصر بنفسي وأهل بيتي، وأما ما أوصيتني به من الرفق والاحسان فالله تعالى هو المستعان على ذلك.
فخرج قيس في سبعة نفر من أهله حتى دخل مصر مستهل ربيع الأول فصعد المنبر فجلس عليه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال: الحمد لله الذي جاء بالحق. وأمات الباطل، وكبت الظالمين، أيها الناس؟ إنا بايعنا خير من نعلم بعد نبينا محمد " صلى الله عليه وآله " فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة رسوله، فإن نحن لم نعلم لكم بذلك فلا بيعة لنا عليكم.
فقام الناس فبايعوا واستقامت مصر وأعمالها لقيس وبعث عليها عماله إلا أن قرية منها يقال لها: خربتا (3) قد أعظم أهلها قتل عثمان وبها رجل من بني كنانة يقال له: يزيد ابن الحارث فبعث إلى قيس إنا لا نأتيك فابعث عمالك فالأرض أرضك ولكن أقرنا على