الحياة بعدهم. قال: أجل فقتل ثم دعا ببراذع (1) فألقاها عليهم وبسط عليها الانطاح ودعا بغدائه فأكل فوقهم وإن أنين بعضهم لم يهدأ حتى فرغ ثم قال: ما تهنأت بطعام منذ عقلت مقتل الحسين إلا يومي هذا. وقام فأمر بهم فجروا بأرجلهم وأغنم أهل خراسان أموالهم ثم صلبوا في بستانه، وكان يأكل يوما فأمر بفتح باب من الرواق إلى البستان فإذا رائحة الجيف تملأ الأنوف، فقيل له: لو أمرت أيها الأمير برد هذا الباب. فقال: والله لرائحتها أحب إلي وأطيب من رائحة المسك. ثم قال:
حسبت أمية أن سترضى هاشم * عنها ويذهب زيدها وحسينها كلا ورب محمد وإلهه * حتى تباح سهولها وحزونها وتذل ذل حليلة لحليلها * بالمشرفي وتسترد ديونها ا ه وقال اليعقوبي: وانصرف عبد الله بن علي إلى فلسطين فلما صار بنهر أبي فطرس بين فلسطين والأردن جمع إليه بني أمية ثم أمرهم أن يغدوا عليه لأخذ الجوائز والعطايا ثم جلس من غد وأذن لهم فدخل عليه ثمانون رجلا من بني أمية وقد أقام على رأس كل رجل منهم رجلين بالعمد وأطرق مليا ثم قام العبدي فأنشد قصيدته التي يقول فيها:
أما الدعاة إلى الجنان فهاشم * وبنو أمية من دعاة النار وكان النعمان بن يزيد بن عبد الملك جالسا إلى جنب عبد الله بن علي فقال له:
كذبت يا بن اللخناء. فقال له عبد الله بن علي: بل صدقت يا أبا محمد؟ فامض لقولك ثم أقبل عليهم عبد الله بن علي فذكر لهم قتل الحسين عليه السلام وأهل بيته ثم صفق بيده فضرب اليوم رؤوسهم بالعمد حتى أتوا عليهم فناداه رجل من أقصى القوم:
عبد شمس أبوك وهو أبونا * لا نناديك من مكان بعيد فالقرابات بيننا واشجات * محكمات القوى بعقد شديد فقال: هيهات قطع ذلك قتل الحسين. ثم أمر بهم فسحبوا فطرحت عليهم البسط وجلس عليها ودعا بالطعام فأكل فقال: يوم كيوم الحسين بن علي ولا سواء. وكان قد دخل معهم رجل من كلب قال: رجوت أن ينالوا خيرا فأنال معهم. فقال عبد الله بن علي: اضربوا عنقه.
ومدخل رأسه لم يدنه أحد * بين الفريقين حتى لزه القدر