الإشادة بذكرهم والذب عنهم، والبث لفضائلهم، وتظاهره بموالاتهم، وإكثاره من مدائحهم مع رده الصلاة تجاه هاتيك العقود الذهبية لأن ما كان يصدر منه من تلكم المظاهر لم تكن إلا تزلفا منه إلى المولى سبحانه، وأداءا لأجر الرسالة، وصلة للصادع بها صلى الله عليه وآله، ولقد كاشف في ذلك كله أبويه الناصبيين الخارجيين، فكان معجزة وقته في التلفع بهذه المآثر كلها، والتظاهر بهذا المظهر الطاهر، ومنبته ذلك المنبت الخبيث، فما كان الشيعي يوم ذاك وهلم جرا يجد من واجبه الديني إلا إكباره وخفض الجناح عند عظمته.
قال ابن عبد ربه في العقد الفريد 2 ص 289: السيد الحميري وهو رأس الشيعة، وكانت الشيعة من تعظيمها له تلقي له وسادة بمسجد الكوفة، وفي حديث شيخ الطايفة الآتي:
قال جعفر بن عفان الطائي للسيد: يا أبا هاشم؟ أنت الرأس ونحن الأذناب.
وليس ذلك ببدع من الشيعة بعد ما أزلفه الإمام الصادق عليه السلام وأراه من دلايل الإمامة ما أبقى له مكرمة خالدة حفظها له التاريخ كحديث إنقلاب الخمر لبنا.
والقبر وإطلاق لسانه في مرضه وغيرهما، واستفاض الحديث بترحمه عليه السلام إياه والدعاء له والشكر لمساعيه، وبلغهم قوله عليه السلام لعذاله فيه: لو زلت له قدم فقد ثبتت الأخرى، وقد أخبره بالجنة.
وكان يستنشد الإمام عليه السلام شعره ويحتفل به وقد أنشده إياه فضيل الرسان، وأبو هارون المكفوف، والسيد نفسه، روى أبو الفرج عن علي بن إسماعيل التميمي عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام إذا استأذن آذنه السيد فأمره بإيصاله، وأقعد حرمه خلف ستر، ودخل فسلم وجلس فاستنشده فأنشد قوله:
أمرر على جدث الحسين * فقل لأعظمه الزكية يا أعظما لا زلت من * وطفاء (1) ساكبة رويه فإذا مررت بقبره * فأطل به وقف المطية وابك المطهر للمطهر * والمطهرة النقية كبكاء معولة أتت * يوما لواحدها المنية (2)