في بلد حرام فعرفت انه قد حفظ الحديث فقلت لعل الله عز وجل ان يكفيك فانى لم أخصك بهذا وانما هو حديث رويته ثم لعل غيرك من اهل بيتك يتولى ذلك فسكت عنى.
فلما رجعت إلى منزلي اتاني بعض موالينا فقال جعلت فداك والله لقد رأيتك في موكب أبى جعفر وأنت على حمار وهو على فرس وقد أشرف عليك يكلمك كأنك تحته فقلت بيني وبين نفسي هذا حجة الله على الخلق وصاحب هذا الامر الذي يقتدى به وهذا الاخر يعمل بالجور ويقتل أولاد الأنبياء ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحب الله وهو في موكبه وأنت على حمار فدخلني من ذلك شك حتى خفت على ديني ونفسي قال فقلت لو رأيت من كان حولي وبين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه فقال الآن سكن قلبي ثم قال إلى متى هؤلاء يملكون أو متى الراحلة منهم فقلت أليس تعلم ان لكل شئ مدة قال بلى فقلت هل ينفعك علمك ان هذا الامر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين انك لو تعلم حالهم عند الله عز وجل وكيف هي كنت لهم أشد بغضا ولو جهدت أو جهد اهل الأرض ان يدخلوهم في أشد ما هم فيه من الاثم لم يقدروا فلا يستفزنك الشيطان فان العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون الا تعلم ان من انتظر امرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غدا في زمرتنا فإذا رأيت الحق قد مات وذهب اهله ورأيت الجور قد شمل البلاد ورأيت القرآن قد خلق واحدث فيه ما ليس فيه ووجه على الأهواء ورأيت الدين قد انكفى كما ينكفى الماء ورأيت اهل الباطل قد استعملوا على اهل الحق ورأيت الشر ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه ورأيت الفسق قد ظهر واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته ورأيت الصغير يستحقر بالكبير ورأيت الأرحام قد تقطعت ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله ورأيت الغلام يعطى ما تعطى المرأة ورأيت النساء