في التفسير الكبير والاعتراضات، ومع كل ما يوجد في الكشاف من المواضع المعضلات سوى الأبيات المعقدات، فإن ذلك يوردها من ظن أن تصحيح القراءات وغرائب القرآن إنما يكون بالأمثال والمستشهدات، كلا فإن القرآن حجة على غيره وليس غيره حجة عليه، فلا علينا أن نقتصر في غرائب القرآن على تفسيرها بالألفاظ المشتهرات، وعلى إيراد بعض المتجانسات التي تعرف منها أصول الاشتقاقات، وذكرت طرفا من الإشارات المقنعات، والتأويلات الممكنات، والحكايات المبكيات، والمواعظ الرادعة عن المنهيات، الباعثة على أداء الواجبات.
والتزمت إيراد لفظ القرآن الكريم أولا مع ترجمته على وجه بديع وطريق منيع، يشتمل على إبراز المقدرات وإظهار المضمرات، وتأويل المتشابهات وتصريح الكنايات، وتحقيق المجازات والاستعارات، فإن هذا النوع من الترجمة مما تسكب فيه العبرات، ويؤذن المترجمون هنالك إلى العثرات، وقلما يفطن له الناشي الواقف على متن اللغة العربية فضلا عن الدخيل القاصر في العلوم الأدبية، واجتهدت كل الاجتهاد في تسهيل سبيل الرشاد، ووضعت الجميع على طرف الثمام، ليكون الكتاب كالبدر في التمام وكالشمس في إفادة الخاص والعام، من غير تطويل يورث الملام ولا تقصير يوعر مسالك السالك ويبدد نظام الكلام، فخير الكلام ما قل ودل، وحسبك من الزاد ما بلغك المحل، والتكلان في الجميع على الرحمن المستعان، والتوفيق مسؤول ممن بيده مفاتيح الفضل والاحسان، وخزائن البر الامتنان وهذا أوان الشروع في تفسير القرآن).