ذو العلم الراسخ، شيخ الإسلام، ومحدث الشام، ناصر السنة، وقامع البدعة زين الحفاظ وبحر العلوم الزاخر، رئيس المحدثين المقر له بالتقدم العارف الماهر، ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر، الذي اشتهر في زمانه بعلو شانه، ولم ير مثله في أقرانه، الجامع بين المعقول والمنقول والمميز بين الصحيح والمعلول.
كان محدث زمانه ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث واشتهر به وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره، رحل وطوف وجاب البلاد ولقي المشايخ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم بن السمعاني في الرحلة.
وكان أبو القاسم المذكور حافظا دينا، جمع بين معرفة المتون والأسانيد .. وصنف التصانيف المفيدة وخرج التخاريج، وكان حسن الكلام على الأحاديث محظوظا على الجمع والتأليف، صنف التاريخ الكبير لدمشق في ثمانين مجلدات أتى فيه بالعجائب وهو على نسق تاريخ بغداد.. قال بعض أهل العلم بالحديث والتواريخ: ساد أهل زمانه في الحديث ورجاله وبلغ فيه الذروة العليا، ومن تصفح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ. قلت: بل من تأمل تصانيفه من حيث الجملة علم مكانه في الحفظ والضبط للعلم والاطلاع وجودة الفهم والبلاغة والتحقيق والاتساع في العلوم وفضائل تحتها من المناقب والمحاسن كل طائل..
وكان ابن عساكر المذكور رضي الله عنه حسن السيرة والسريرة، قال الحافظ الرئيس أبو المواهب: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة منذ أربعين سنة.. ذكره الإمام الحافظ ابن النجار في تاريخه فقال: