قال مصنف هذا الكتاب: إن المشبهة تفسر هذه الآية على أنه ضياء السماوات والأرض، ولو كان كذلك لما جاز أن توجد الأرض مظلمة في وقت من الأوقات لا بالليل ولا بالنهار، لان الله هو نورها وضياؤها على تأويلهم وهو موجود غير معدوم، فوجودنا الأرض مظلمة بالليل ووجودنا داخلها أيضا مظلما بالنهار يدل على أن تأويل قوله: (الله نور السماوات والأرض) هو ما قاله الرضا عليه السلام دون تأويل المشبهة، فإنه عز وجل هاد لأهل السماوات والأرض، المبين لأهل السماوات والأرض أمور دينهم ومصالحهم، فلما كان بالله وبهداه يهتدي أهل السماوات والأرض إلى صلاحهم وأمور دينهم كما يهتدون بالنور الذي خلق الله لهم في السماوات والأرض إلى صلاح دنياهم قال: إنه نور السماوات والأرض على هذا المعنى، وأجرى على نفسه هذا الاسم توسعا ومجازا، لان العقول دالة على أن الله عز وجل لا يجوز أن يكون نورا ولا ضياء ولا من جنس الأنوار والضياء، لأنه خالق الأنوار وخالق جميع أجناس الأشياء، وقد دل على ذلك أيضا قوله: مثل نوره وإنما أراد به صفة نوره، وهذا النور هو غيره، لأنه شبهه بالمصباح وضوئه الذي ذكره ووصفه في هذه الآية، ولا يجوز أن يشبه نفسه بالمصباح، لان الله لا شبه له ولا نظير، فصح أن نوره الذي شبهه بالمصباح إنما هو دلالته أهل السماوات والأرض على مصالح دينهم وعلى توحيد ربهم وحكمته وعدله، ثم بين وضوح دلالته هذه وسماها نورا من حيث يهتدي بها عباده إلى دينهم وصلاحهم، فقال: مثله كمثل كوة وهي المشكاة فيها المصباح والمصباح هو السراج في زجاجة صافية شبيهة بالكوكب الدري في صفائه، والكوكب الدري هو الكوكب
(٣٩٦)