المشبه بالدر في لونه، وهذا المصباح الذي في هذه الزجاجة الصافية يتوقد من زيت زيتونة مباركة، وأراد به زيتون الشام لأنه يقال: إنه بورك فيه لأهله وعنى عز وجل بقوله: (لا شرقية ولا غربية) أن هذه الزيتونة ليست بشرقية فلا تسقط الشمس عليها في وقت الغروب، ولا غربية فلا تسقط الشمس عليها فوقت الطلوع، بل هي في أعلى شجرها والشمس تسقط عليها في طول نهارها فهو أجود لها وأضوء لزيتها، ثم أكد وصفه لصفاء زيتها فقال: (يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار) لما فيها من الصفاء فبين أن دلالات الله التي بها دل عباده في السماوات والأرض على مصالحهم وعلى أمور دينهم هي في الوضوح والبيان بمنزلة هذا المصباح الذي في هذه الزجاجة الصافية ويتوقد بها الزيت الصافي الذي وصفه، فيجتمع فيه ضوء النار مع ضوء الزجاجة وضوء الزيت وهو معنى قوله: (نور على نور) وعنى بقوله عز وجل: (يهدي الله لنوره من يشاء يعني) توحيد ربهم وسائر أمور دينهم، وقد دل الله عز وجل بهذه الآية وبما ذكره من وضوح دلالاته وآياته التي دل بها عباده على دينهم أن أحدا منهم لم يؤت فيما صار إليه من الجهل ومن تضييع الدين لشبهة ولبس دخلا عليه في ذلك من قبل الله عز وجل، إذ كان الله عز وجل قد بين لهم دلالاته وآياته على سبيل ما وصف، وإنهم إنما أوتوا في ذلك من قبل أنفسهم بتركهم النظر في دلالات الله واستدلال بها على الله عز وجل وعلى صلاحهم في دينهم، وبين أنه بكل شئ من مصالح عباده ومن غير ذلك عليم.
(٣٩٧)