وإذا كان كذلك وجب أن يكون الله تبارك وتعالى متوحدا بصفاته التي تفرد بالإلهية من أجلها وتوحد بالوحدانية لتوحده بها ليستحيل أن يكون إله آخر، ويكون الله واحدا والإله واحدا لا
شريك له ولا شبيه لأنه إن لم يتوحد بها كان له
شريك وشبيه كما أن العبد لما لم يتوحد بأوصافه التي من أجلها كان عبدا كان له شبيه، ولم يكن العبد واحدا وإن كان كل واحد منا عبدا واحدا، وإذا كان كذلك فمن
عرفه متوحدا بصفاته وأقر بما
عرفه واعتقد ذلك كان موحدا وبتوحيد ربه عارفا، والأوصاف التي توحد الله عز وجل بها وتوحد بربوبيته لتفرده بها هي الأوصاف 1) التي يقتضي كل واحد منها أن لا يكون الموصوف به إلا واحدا لا يشاركه فيه غيره ولا يوصف به إلا هو، وتلك الأوصاف هي كوصفنا له بأنه موجود واحد لا يصح أن يكون حالا في شئ، ولا
يجوز أن يحله شئ، ولا
يجوز عليه العدم والفناء والزوال، مستحق للوصف بذلك بأنه أول الأولين وآخر الآخرين، قادر يفعل ما يشاء ولا
يجوز عليه ضعف ولا عجز، مستحق للوصف بذلك بأنه أقدر القادرين وأقهر القاهرين، عالم لا يخفى عليه شئ، ولا يعزب عنه شئ، ولا
يجوز عليه
جهل ولا
سهو ولا شك ولا
نسيان، مستحق للوصف بذلك بأنه أعلم العالمين، حي لا
يجوز عليه موت ولا نوم، ولا ترجع إليه منفعة ولا تناله مضرة، مستحق للوصف بذلك بأنه أبقى الباقين وأكمل الكاملين، فاعل لا يشغله شئ عن شئ ولا يعجزه شئ ولا يفوته شئ، مستحق للوصف بذلك بأنه إله الأولين والآخرين وأحسن الخالقين باب تفسير قل هو الله أحد إلى آخرها
____________________
1) الغرض من هذين الفصلين بيان أنه سبحانه واحد بالذات، ومعنى توحده بها