مهما 1) ولا ممازج مع ما، ولا خيال وهما 2) ليس بشبح فيرى، ولا بجسم فيتجزأ، ولا بذي غاية فيتناهى، ولا بمحدث فيبصر 3)، ولا بمستتر فيكشف، ولا بذي حجب فيحوى 4) كان ولا أماكن تحمله أكنافها، ولا حملة ترفعه بقوتها، ولا كان بعد أن لم يكن، بل حارت الأوهام أن تكيف المكيف للأشياء ومن لم يزل بلا مكان، ولا يزول باختلاف الأزمان، ولا ينقلب شأنا بعد شأن، البعيد من حدس القلوب المتعالي عن الأشياء والضروب 5)، الوتر، علام الغيوب، فمعاني الخلق عنه منفية، وسرائرهم عليه غير خفية، المعروف بغير كيفية، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، ولا تدركه الابصار، ولا تحيط به الأفكار، ولا تقدره العقول، ولا تقع عليه الأوهام،
فكل ما قدره عقل أو عرف له مثل فهو محدود، وكيف يوصف بالأشباح، وينعت بالألسن الفصاح؟ من لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال هو عنها بائن، ولم يخل منها فيقال أين، ولم يقرب منها بالالتزاق، ولم يبعد عنها بالافتراق، بل هو في الأشياء بلا كيفية، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد، وأبعد من الشبهة 6) من كل بعيد لم يخلق
____________________
1) قوله (مهما) ظرف زمان جئ به هنا لاستغراق أفراد الأوقات، يعني:
أنه لا يزال دائما وفي جميع الأوقات المحققة والمقدرة.
2) أي: ليس تخيل بالأوهام.
3) أي: لو كان مبصرا لكان محدثا، فلا يتوهم منه أن كل محدث مبصر.
4) أي: تكون الحجب حاوية له.
5) جمع ضرب بمعنى المثل.
6) أي: المشابهة، يعني لا يشبه أحدا، فهو بعيد من جهة المشابهة.