يزل الدهر في الارتماس، مائلا عن المنهاج، ظاعنا في الاعوجاج ضالا عن السبيل، قائلا غير الجميل، يا بن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه واعرفه بما عرف به نفسه، لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس، فهو قريب غير ملتصق، وبعيد غير متقص، يوحد، ولا يبعض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال.
36 - حدثنا أحمد بن هارون الفامي رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من شبه الله بخلقه فهو مشرك، إن الله تبارك وتعالى لا يشبه شيئا ولا يشبهه شئ وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه.
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: الدليل على أن الله سبحانه لا يشبه شيئا من خلقه من جهة من الجهات أنه لا جهة لشئ من أفعاله إلا محدثة، ولا جهة محدثة إلا وهي تدل على حدوث من هي له، فلو كان الله جل ثناؤه يشبه شيئا منها لدلت على حدوث من حيث دلت على حدوث من هي له إذ المتماثلان في العقول يقتضيان حكما واحدا من حيث تماثلا منها وقد قام الدليل على أن الله عز وجل قديم، ومحال أن يكون قديما من جهة وحادثا من أخرى ومن الدليل على أن الله تبارك وتعالى قديم أنه لو كان حادثا لوجب أن يكون له محدث، لان الفعل لا يكون إلا بفاعل، ولكان القول في محدثه كالقول فيه، وفي هذا وجود حادث قبل حادث لا إلى أول، وهذا محال، فصح أنه لابد من صانع قديم، وإذا كان ذلك كذلك فالذي يوجب قدم ذلك الصانع ويدل عليه يوجب قدم صانعنا ويدل عليه.
37 - حدثنا علي بن أحمد بن عمران الدقاق رحمه الله وعلي بن عبد الله