الدنيا " مطهرة " قيل: في الأبدان والأخلاق والاعمال، فلا يحضن ولا يلدن ولا يتغوطن ولا يبلن قد طهرن من الأقذار والآثام " وهم فيها " أي في الجنة " خالدون " يعني دائمون يبقون ببقاء الله لا انقطاع لذلك ولا نفاد لان النعمة تتم بالخلود والبقاء كما تتنغص بالزوال والفناء.
وفي قوله عز وجل: " وقالوا لن يدخل الجنة " هذا على الايجاز، وتقديره:
قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا " تلك أمانيهم " أي تلك المقالة أماني كاذبة يتمنونها على الله، وقيل: أمانيهم: أباطيلهم، وقيل: أي تلك أقاويلهم وتلاوتهم، من قولهم: تمنى أي تلا.
" قل هاتوا " أي احضروا، أمر تعجيز وإنكار " برهانكم " أي حجتكم " إن كنتم صادقين " في هذا القول " بلى من أسلم وجهه لله " أي من أخلص نفسه لله بأن سلك سبيل مرضاته، وقيل: وجه وجهه لطاعة الله، وقيل: فوض أمره إلى الله، وقيل: استسلم لأمر الله وخضع وتواضع لله " وهو محسن " في عمله، وقيل: مؤمن، وقيل: مخلص " فله أجره عند ربه " أي فله جزاء عمله عند الله " ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون " في الآخرة وهذا ظاهر على قول من يقول: إنه لا يكون على أهل الجنة خوف ولا حزن في الآخرة وأما على قول من قال: إن بعضهم يخاف ثم يأمن فمعناه أنهم لا يخافون فوت جزاء أعمالهم لأنهم يكونون على ثقة بأن ذلك لا يفوتهم.
وفي قوله عز وجل: " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم " أي إلى الاعمال التي توجب المغفرة " وجنة عرضها السماوات والأرض " اختلف في معناه على أقوال: أحدها أن المعنى: عرضها كعرض السماوات والأرضين السبع إذا ضم بعضها إلى بعض، عن ابن عباس والحسن، واختاره الجبائي والبلخي، وإنما ذكر العرض بالعظم دون الطول لأنه يدل على أن الطول أعظم، وليس كذلك لو ذكر الطول.
وثانيها: أن معناه: ثمنها لو بيعت كثمن السماوات والأرض لو بيعتا، كما يقال:
عرضت هذا المتاع للبيع، والمراد بذلك عظم مقدارها وجلالة قدرها وأنه لا يساويها شئ وإن عظم، عن أبي مسلم الاصفهاني. وهذا وجه مليح إلا أن فيه تعسفا.